للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّرَرِ (بَلْ الْجَارَانِ فِيهِ سَوَاءٌ) يَعْنِي إذَا تَنَازَعَا فِي حَائِطٍ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ هَرَادِيٌّ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لِأَجْلِهَا بِخِلَافِ الْجُذُوعِ.

(وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ) مِنْ الرَّجُلَيْنِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَائِطِ (ثَلَاثَةُ جُذُوعٍ فَبَيْنَهُمَا) لِاسْتِوَائِهَا فِي أَصْلِ الْعِلَّةِ (وَلَا تَرْجِيحَ بِالْأَكْثَرِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي وَلَا عِبْرَةَ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَاشْتَرَطَ أَنْ يَبْلُغَ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ يُبْنَى لِلتَّسْقِيفِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ غَالِبًا فَصَارَ الثَّلَاثُ كَالنِّصَابِ لَهُ.

(وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ) جُذُوعٍ (وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ فَهُوَ) أَيْ الْحَائِطُ (لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ) اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَالْقِيَاسُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ فَيَسْتَوِيَانِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ إذْ لَا يُبْنَى الْحَائِطُ فِيمَا دُونَهُ وَالْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ لَا تَظْهَرُ بِمُقَابَلَةِ الْكَامِلَةِ (وَلِلْآخَرِ مَوْضِعُ خَشَبِهِ) بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ حُكْمَنَا بِالْحَائِطِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ بِالظَّاهِرِ، وَهُوَ يَصْلُحُ بِالدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الرِّوَايَاتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَوْ لَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْإِجْذَاعِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ جِذْعِهِ مَشْغُولٌ بِجِذْعِهِ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ الِاسْتِعْمَالِ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِلْكُ فِيمَا تَحْتَ خَشَبَتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَفِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْحَائِطَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْأَجْذَاعِ وَلِصَاحِبِ الْقَلِيلِ مَا تَحْتَ جِذْعِهِ يُرِيدُ بِهِ حَقَّ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لِأَجْلِ جِذْعٍ أَوْ جِذْعَيْنِ عَادَةً وَإِنَّمَا يُنْصَبُ لَهُ أُسْطُوَانَةٌ فَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِالْمِلْكِ.

وَفِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ أَصَحُّ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ فَلْيُطَالَعْ.

(وَلَوْ) كَانَ (لِأَحَدِهِمَا جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ اتِّصَالٌ فَلِذِي الِاتِّصَالِ) أَيْ صَاحِبِ الِاتِّصَالِ أَوْلَى (وَلِلْآخَرِ) ؟ أَيْ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ (حَقُّ الْوَضْعِ) وَهَذِهِ رِوَايَةُ الطَّحَاوِيِّ وَصَحَّحَهُ الْجُرْجَانِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَيْنِ بِهَذَا الِاتِّصَالِ كَبِنَاءٍ وَاحِدٍ فَالْقَضَاءُ بِبَعْضِهِ يَصِيرُ قَضَاءً بِكُلِّهِ ثُمَّ يَبْقَى لِلْآخَرِ وَضْعُ جُذُوعِهِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّصَالُ مِنْ جَانِبٍ أَوْ مِنْ جَانِبَيْنِ (وَقِيلَ لِذِي الْجُذُوعِ) أَيْ صَاحِبِ الْجُذُوعِ أَوْلَى وَرَجَّحَ السَّرَخْسِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَصَرُّفًا فِي الْحَائِطِ وَلِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَفِي الْمُحِيطِ الْأَيْدِي فِي الْحَائِطِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ، وَاتِّصَالُ مُلَازَقَةٍ وَمُجَاوَرَةٍ، وَوَضْعُ جُذُوعٍ وَمُحَاذَاةِ بِنَاءٍ فَأَوْلَاهُمْ صَاحِبُ التَّرْبِيعِ ثُمَّ صَاحِبُ جُذُوعٍ ثُمَّ صَاحِبُ الْمُحَاذَاةِ (وَذُو بَيْتٍ مِنْ دَارٍ كَذِي بُيُوتٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدَّارِ (فِي حَقِّ سَاحَتِهَا) أَيْ السَّاحَةُ نِصْفَانِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاسْتِعْمَالِ وَهُوَ الْمُرُورُ فِيهَا وَالتَّوَضُّؤُ وَكَسْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>