للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسَبِ أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ نَسَبَ الْآخَرِ، هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ عِنْدَ تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَبْطُلُ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَلَا يُنْتَقَضُ بَيْعُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَمَنْ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ) لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ (لَوْ قَالَ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ) أَوْ هُوَ ابْنُ عَبْدِ فُلَانٍ الْغَائِبِ (ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَا يَكُونُ ابْنَهُ) أَيْ ابْنُ ذِي الْيَدِ.

(وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ (جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْإِقْرَارُ بِمِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَبَقِيَ، فَتُمْتَنَعُ دَعْوَتُهُ وَإِذَا صَدَّقَهُ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَدْرِ تَصْدِيقَهُ وَلَا تَكْذِيبَهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ عِنْدَهُمْ (وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ إنْ جَحَدَ) زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ، وَهُوَ ابْنُ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ فَصَارَ كَأَنَّ لَمْ يَكُنْ، وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ يُرِيدُ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْصَ.

وَفِي الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ، هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنِّي يَصِحُّ إذْ بِالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ مِنِّي تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُقِرِّ وَالْمَقَرِّ لَهُ أَمَّا حَقُّ الْمَقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى يَنْتَفِيَ كَوْنُهُ مَخْلُوقًا مِنْ مَاءِ الزِّنَا فَإِذْ قَالَ لَيْسَ، هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّ الْوَلَدِ فَإِذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ: هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي لَا يَصِحُّ النَّفْيُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ وَإِذَا ثَبَتَ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ أَمَّا بِغَيْرِ التَّصْدِيقِ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِأَنَّهُ جُزْئِيٌّ لَكِنْ إذْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لَمْ يَبْطُلْ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ الِابْنِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَبُ الْإِقْرَارَ أَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقَرَّ إنِّي ابْنُهُ تُقْبَلُ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ ابْنِي مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ جُزْؤُهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ أَخُوهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ.

(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ (فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ رِقَّهُ وَ) ادَّعَى (الْكَافِرُ بُنُوَّتَهُ فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ الْكَافِرِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ أَيْنَمَا كَانَ وَالتَّرْجِيحُ يَسْتَدْعِي التَّعَارُضَ وَلَا تَعَارَضَ هَهُنَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلصَّبِيِّ وَاجِبٌ وَنَظَرُهُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَوْفَرُ؛ لِأَنَّهُ يَنَالُ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ حَالًا وَشَرَفُ الْإِسْلَامِ مَآلًا إذْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ ظَاهِرَةٌ، وَفِي عَكْسِهِ الْحُكْمُ بِالْإِسْلَامِ تَبَعًا وَحِرْمَانُهُ عَنْ الْحُرِّيَّةِ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ اكْتِسَابُهَا وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ فَلْيُطَالَعْ.

قِيلَ مُسْلِمٌ أَيْضًا حَالًا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لَا عَبْدٌ لِمُسْلِمٍ، هَذَا إذَا ادَّعَيَا مَعًا، وَإِنْ سَبَقَ دَعْوَى الْمُسْلِمِ كَانَ عَبْدًا لَهُ، وَإِنْ ادَّعَيَا الْبُنُوَّةَ كَانَ ابْنًا لِمُسْلِمٍ لِحُصُولِ الْإِسْلَامِ حَالًا.

(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ (فِي يَدِ زَوْجَيْنِ فَزَعَمَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَزَعَمَتْ) الزَّوْجَةُ (أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ) أَيْ الْوَلَدُ (ابْنُهُمَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَقَرَّ لِلْوَلَدِ بِالنَّسَبِ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا ثُمَّ يُرِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا إبْطَالَ حَقِّ صَاحِبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ.

وَالْمُرَادُ مِنْ الصَّبِيِّ الصَّبِيُّ الْغَيْرُ مُعَبِّرٌ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ صَدَّقَهُ.

(وَلَوْ اسْتَوْلَدَ مُشْتَرَاتَهُ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَادَّعَاهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ) الْأَمَةُ بِدَعْوَى مُسْتَحِقٍّ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) وَكَذَا إذَا مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرَ الشِّرَاءِ أَيُّ سَبَبٍ كَانَ كَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>