للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي مُدَاوِمٌ عَلَى الْحِفْظِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُنْعٌ فِي هَلَاكِ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (وَعِنْدَهُمَا) ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (ضَمِنَ أَيًّا شَاءَ) أَيْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي التَّضْمِينِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ خَائِنٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الثَّانِي بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَالثَّانِيَ مُتَعَدٍّ بِقَبْضِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَإِنْ ضَمِنَ) الْمَالِكُ الْمُودَعَ (الثَّانِيَ رَجَعَ) أَيْ الثَّانِي (عَلَى الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ بِأَمْرِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا لَحِقَهُ مِنْ الْعُهْدَةِ (لَا) يَرْجِعُ (بِالْعَكْسِ) أَيْ ضَمِنَ الْمَالِكُ الْمُودَعَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أُودِعَ مِلْكَ نَفْسِهِ.

(وَلَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ) الْمَغْصُوبَ عِنْدَ غَيْرِهِ (ضَمِنَ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (أَيًّا شَاءَ) مِنْ الْغَاصِبِ وَمُودَعِهِ (إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ صَارَ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي التَّلَقِّي مِنْهُ ابْتِدَاءً لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ، فَكَذَا بَقَاءً، ثُمَّ مُودَعُ الْغَاصِبِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ فَضَمِنَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ عَلِمَ فَكَذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ وَحَكَى أَبُو الْيُسْرِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ.

(وَلَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ عَبْدٍ مَحْجُورٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ بِأَخْذِ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا (شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ) أَيْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الشَّيْءَ (ضَمِنَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ.

(وَإِنْ) أَوْدَعَ (عِنْدَ صَبِيٍّ) يَعْقِلُ (فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا) لَا حَالٌّ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ اسْتَحْفَظَ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ أَصْلًا فَصَارَ الْمَالِكُ كَأَنَّهُ أَذِنَ بِإِتْلَافِهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَالْتِزَامُهُ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْمَوْلَى نَظَرًا فَلَا يَضْمَنُ فِي الْحَالِ، وَصَحَّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا فَيَضْمَنُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَضْمَنَانِ) أَيْ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ (لِلْحَالِّ) فَيُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَحْجُورِيَّتَهما فِي الْأَقْوَالِ فَقَطْ، وَلِهَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَا عَيْنًا قَبْلَ الْإِيدَاعِ يَضْمَنَانِ هَذَا بِإِتْلَافِهِمَا، أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ فِي أَيْدِيهِمَا لَا يَضْمَنَانِ اتِّفَاقًا، وَلَوْ أَتْلَفَا مَا أُودِعَ عِنْدَ الْأُبَابِ، وَالْمَوْلَى يَضْمَنَانِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا عِنْدَ صَبِيٍّ يَعْقِلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَعْقِلُ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَذَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ.

وَفِي الْمُحِيطِ ظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي صَبِيٍّ يَعْقِلُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنُّوا بَلْ الْخِلَافُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِقْرَاضُ وَالْإِعَارَةُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

(وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ الْوَدِيعَةَ إلَى مِثْلِهِ) أَيْ إلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ (فَهَلَكَتْ) عِنْدَ الثَّانِي (ضَمِنَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ الْعَبْدَ الدَّافِعَ (بَعْدَ الْعِتْقِ) فَلَا يُضَمِّنُ الثَّانِيَ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعُ الْمُودَعِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ضَمَّنَ أَيُّهُمَا شَاءَ لِلْحَالِّ) أَيْ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي التَّضْمِينِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُتْلِفٌ بِالدَّفْعِ، وَالثَّانِيَ مُتَعَدٍّ بِقَبْضِهِ بِلَا إذْنٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ فَبَعْدَ الْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي إيدَاعِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ.

(وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ فَلِلْحَالِّ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ ضَمَانُ فِعْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>