للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْهُوبَ (بَعْدَ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالتَّسْلِيمِ نَفَذَ) إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَى فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ قَبْلَهَا.

(وَلَوْ مَنَعَهُ) أَيْ مَنَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ عَنْ الْوَاهِبِ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (فَهَلَكَ) الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (لَا يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا إذَا طَلَبَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَمَنَعَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ لِمَنْعِهِ طَلَبَهُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَنْعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَبَيْنَ الْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ (وَهُوَ) أَيْ الرُّجُوعُ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ التَّرَاضِي أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي (فَسْخٌ) لِعَقْدِ الْهِبَةِ (مِنْ الْأَصْلِ) ، أَوْ إعَادَةٌ لِلْمِلْكِ الْقَدِيمِ (لَا هِبَةٌ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ) وَعِنْدَ زُفَرَ الرُّجُوعُ بِالتَّرَاضِي عَقْدٌ جَدِيدٌ فَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْمُبْتَدَأَةِ. وَلَنَا أَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ وَقَعَ جَائِزًا مُوجِبًا لِحَقِّ الْفَسْخِ، فَإِذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ كَانَ مُسْتَوْفِيًا لِحَقٍّ ثَابِتٍ لَهُ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ غَيْرَ لَازِمٍ لَا ابْتِدَاءً لِعَقْدٍ جَدِيدٍ، ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ) أَيْ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا يَعْتَمِدُ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ لَا فِي عَوْدِهِ إلَى الْمِلْكِ الْقَدِيمِ.

(وَصَحَّ) أَيْ الرُّجُوعُ (فِي الْمَشَاعِ) الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ بِأَنْ وَهَبَ دَارًا وَرَجَعَ فِي نِصْفِهَا، وَلَوْ كَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَمَا صَحَّ فِي الْمَشَاعِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ.

(وَإِنْ تَلِفَ الْمَوْهُوبُ) عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ (فَاسْتَحَقَّ) مُسْتَحِقٌّ (فَضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ) قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (لَا يَرْجِعُ عَلَى وَاهِبِهِ) بِمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ غَيْرُ عَامِلٍ لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ السَّلَامَةَ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْغُرُورُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ عَامِلٌ لَهُ، وَبِخِلَافِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، وَالْإِعَارَةُ كَالْهِبَةِ هُنَا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.

(وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةُ ابْتِدَاءٍ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ (فَشَرْطُ الْقَبْضِ فِي الْعِوَضَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ لِمَا مَرَّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاهِبٌ مِنْ وَجْهٍ (وَمَنْعُهَا) أَيْ الْهِبَةِ (الشُّيُوعَ) فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ (فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هِبَةَ الْمَشَاعِ لَا تَصِحُّ (بَيْعُ انْتِهَاءٍ) أَيْ فِي انْتِهَاءِ الْعَقْدِ بَعْدَ التَّقَابُضِ (فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ) إذَا كَانَ عَقَارًا كَمَا مَرَّ (وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَشَرْطُ وَفِي قَوْلِهِ فَتَثْبُتُ نَتِيجَةُ مَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْكَلَامِ.

وَعِنْدَ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بَيْعٌ مُطْلَقًا أَيْ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِبَدَلٍ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَكَانَ بَيْعًا، وَلَنَا أَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ فَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ مُعْتَبَرًا بِلَفْظِهِ فَيُجْرِي فِيهِ أَحْكَامَ الْهِبَةِ وَانْتِهَاؤُهُ مُعْتَبَرًا بِمَعْنَاهُ فَيُجْرِي فِيهِ أَحْكَامَ الْبَيْعِ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ حُكْمِهَا تَأْخِيرُ الْمِلْكِ إلَى الْقَبْضِ وَمِنْ حُكْمِ الْبَيْعِ اللُّزُومُ وَقَدْ يَنْقَلِبُ الْهِبَةُ الْبَيْعَ بِالتَّعْوِيضِ هَذَا إذَا ذَكَرَهُ بِكَلِمَةِ عَلَى بِأَنْ يُقَالَ: وَهَبْتُك ذَا عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي كَذَا إذْ لَوْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>