للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا طَابَ الْفَضْلُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالَ الْمَوْلَى خُسْرو: جَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْأَجِيرَ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُؤَجِّرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ، وَفِي الْمِنَحِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ.

وَفِي الْغُرَرِ وَكَّلَهُ لِاسْتِئْجَارِ دَارٍ فَفَعَلَ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الْمُوَكِّلِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآمِرُ، وَإِنْ طَلَبَ الْآمِرُ وَأَبَى لِيُعَجِّلَ لَا يَرْجِعُ.

(وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ) حَالَ كَوْنِهَا (مُضَافَةً) إلَى زَمَانٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا إلَى سَنَةٍ هَذَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهَا يَقَعُ مُضَافًا؛ لِأَنَّ انْعِقَادَهَا يَتَجَدَّدُ بِحَسَبِ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا عُرِفَ فَوُقُوعُ الْمُقَيَّدِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ عِنْدَهُ كَالْعَيْنِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الْعَيْنِ.

(وَكَذَا) يَصِحُّ (فَسْخُهَا) أَيْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ كَمَا إذَا قَالَ: فَاسَخْتُك هَذِهِ الْإِجَارَةَ رَأْسَ الشَّهْرِ الْآتِي، وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُهُ فَقَدْ فَاسَخْتُكَ لَمْ يَجُزْ.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: جَازَ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي الْعِمَادِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجْمَاعًا.

(وَ) كَذَا تَصِحُّ (الْمُزَارَعَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ أَيْضًا بِالْإِضَافَةِ كَمَا إذَا قَالَ: دَفَعْتُ إلَيْك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الْأَشْجَارَ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ الْعَمَلِ فِيهَا بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إجَارَةٌ (وَ) كَذَا (الْمُضَارَبَةُ) كَمَا إذَا دَفَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إلَى فُلَانٍ وَقَالَ بَعْدَ مَا صَارَتْ بِالْعَشَرَةِ عِشْرِينَ: اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُضَارِبًا إلَّا عِنْدَ صَيْرُورَتِهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا (وَالْوَكَالَةُ) كَمَا إذَا قَالَ: بِعْ عَبْدِي غَدًا، فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَّا بَعْدَ الْغَدِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَزْلِ قَبْلَهُ وَصَحَّ الرُّجُوعُ إجْمَاعًا بِشَرْطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ، وَالْوَقْفِ (وَالْكَفَالَةُ) بِأَنْ قَالَ: مَا ثَبَتَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ الْمَالِ ابْتِدَاءً فَتَجُوزُ إضَافَتُهَا (وَالْإِيصَاءُ) أَيْ جَعْلُ الْغَيْرِ وَصِيًّا بِأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَنْتَ وَصِيٌّ فِيمَا أَخْلُفُ إذْ الْإِيصَاءُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْحَالِ إلَّا إذَا جُعِلَ مَجَازًا عَنْ الْوَكَالَةِ (وَالْوَصِيَّةُ) بِأَنْ قَالَ: فَثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَهُ (وَالْقَضَاءُ، وَالْإِمَارَةُ) كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْقَضَاءِ (وَالطَّلَاقُ) بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ (وَالْعِتْقُ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ (وَالْوَقْفُ) كَمَا إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ غَدًا.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَتَصِحُّ الْعَارِيَّةُ، وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ مُضَافَيْنِ كَمَا فِي الْعِمَادِيِّ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُ كُلٍّ مِنْهَا وَقَدْ صَحَّ تَعْلِيقُ الْمُزَارَعَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فَسْخُ كُلٍّ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>