للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ الْمُودَعُ الْمُتَعَدِّي إذَا قَالَ لَا أَعْرِفُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَالْمَالِكُ يَقُولُ قِيمَتَهُ كَذَا دِرْهَمًا وَهُوَ لَا يُصَدِّقُهُ وَلَا يُقِرُّ بِشَيْءٍ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَقُولُ لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ النُّكُولِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَرْضِ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِهِ مِائَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فَإِنْ حَلَفَ يَحْلِفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قِيمَةَ ثَوْبِهِ مِائَةٌ وَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِذَا أَخَذَ ثُمَّ ظَهَرَ الثَّوْبُ كَانَ الْغَاصِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالثَّوْبِ وَسَلَّمَ الْقِيمَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الثَّوْبَ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ.

(وَالْغَصْبُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُنْقَلُ) لِأَنَّهُ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ بِإِثْبَاتِ يَدِهِ وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي الْمَنْقُولِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ غَصَبَ عَقَارًا) هُوَ مَالُهُ أَصْلٌ وَقَرَارٌ كَالضَّيْعَةِ وَالدَّارِ (فَهَلَكَ فِي يَدِهِ) بِأَنْ غَلَبَ السَّيْلُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ هُدِمَ الْبِنَاءُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (لَا يَضْمَنُ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ هُوَ النَّقْلُ بَلْ يُرَدُّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْغَصْبَ إزَالَةُ الْيَدِ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقَارِ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ تَزُولُ عَنْهُ بِإِخْرَاجِهِ وَهُوَ فِعْلٌ فِيهِ لَا فِي الْعَقَارِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَبْعَدَ الْمَالِكَ عَنْ الْمَوَاشِي حَتَّى تَلِفَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَالِكِ بِالتَّبْعِيدِ فِعْلٌ فِيهِ لَا فِي الْمَوَاشِي (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّ عِنْدَهُ يَجْرِي الْغَصْبُ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ الْيَدِ فِيهِ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُ لَا بِالنَّقْلِ وَبِقَوْلِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ أَوَّلًا وَزُفَرُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ يُفْتَى فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَفِي الْمِنَحِ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الْعَقَارِ وَالدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ بِالضَّمَانِ.

وَقَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ وَعِمَادُ الدِّينِ فِي فُصُولِهِمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ الْعَقَارَ يُضْمَنُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَبِالْجُحُودِ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْ إذَا كَانَ الْعَقَارُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَجَحَدَهُ كَانَ ضَامِنًا بِالِاتِّفَاقِ وَبِالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالدَّارِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا (وَمَا نَقَصَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَقَارِ (بِفِعْلِهِ كَسُكْنَاهُ) أَيْ سُكْنَى الْغَاصِبِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ (وَزَرْعِهِ) فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (ضَمِنَهُ) أَيْ النُّقْصَانَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي النَّقْلِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ وَإِهْلَاكٌ وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلضَّمَانِ الْإِتْلَافُ فِي يَدِهِ قِيلَ فِي تَفْسِيرِ النُّقْصَانِ إنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ تُسْتَأْجَرُ هَذِهِ الْأَرْضُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبَعْدَهُ وَقِيلَ بَلْ يَنْظُرُ بِكَمْ تُبَاعُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَبِكَمْ تُبَاعُ بَعْدَهُ فَيَضْمَنُ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ النُّقْصَانِ.

وَقَالَ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَقْيَسُ (وَيَأْخُذُ) الْغَاصِبُ (رَأْسَ مَالِهِ) وَهُوَ الْبَذْرُ وَمَا غَرِمَ مِنْ النُّقْصَانِ وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الزَّرْعِ (وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ حَتَّى إذَا غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا كُرَّيْنِ فَأَخْرَجَتْ ثَمَانِيَةَ أَكْرَارٍ وَلَحِقَهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ قَدْرُ كُرٍّ وَنَقَصَهَا قَدْرُ كُرٍّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَكْرَارٍ وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>