للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» يُفِيدُ كَرَاهَةَ الْبَيْعِ

أَمَّا الْبَيْعُ جَائِزٌ لِقِيَامِ الْمِلْك وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ بَيْعُ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ جِلْدِهَا أَوْ لَحْمِهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ

وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَا يُعْطَى أَجْرُ الْجَزَّارِ مِنْهَا.

وَيُكْرَهُ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ لِيُنْتَفَعَ بِهِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِلَبَنِهَا قَبْلَهُ.

(وَلَوْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ) اسْتِحْسَانًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الذَّابِحِ وَلَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرُ لِأَنَّهُ ذَبْحُ شَاةِ غَيْرٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا ذَبَحَ شَاةً اشْتَرَاهَا الْقَصَّابُ وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَجْزِيهِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ لِلذَّبْحِ أُضْحِيَّةٌ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا فَصَارَ مُسْتَغْنِيًا بِكُلِّ مَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلذَّبْحِ آذِنًا لَهُ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ إقَامَتِهَا لِعَارِضٍ يَعْرِضُ لَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا ذَبَحَ شَاةً شَدَّ الْقَصَّابُ رِجْلَهَا لِيَذْبَحَهَا وَإِنْ كَانَ تَفُوتُهُ الْمُبَاشَرَةُ وَحُضُورُهَا لَكِنْ يَحْصُلُ لَهُ تَعْجِيلُ الْبِرِّ وَحُصُولُ مَقْصُودِهِ بِالتَّضْحِيَةِ بِمَا عَيَّنَهُ فَيَرْضَى بِهِ ظَاهِرًا.

وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلَوْ ذَبَحَ الرَّاعِي وَالْأَجْنَبِيُّ شَاةً لَا يُرْجَى حَيَاتُهَا لَا يَضْمَنُ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَضْمَنُ.

(وَلَوْ غَلِطَ اثْنَانِ فَذَبَحَ كُلٌّ شَاةَ الْآخَرِ صَحَّ وَلَا ضَمَانَ) اسْتِحْسَانًا وَلَا يَصِحُّ قِيَاسًا وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَهُ (وَيَتَحَالَّانِ) يَعْنِي يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُضْحِيَّتَهُ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ إنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً يُحَلِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَيُجْرِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَهُ الْكُلَّ فِي الِابْتِدَاءِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَكَذَا لَهُ أَنْ يَحِلَّ لَهُ فِي الِانْتِهَاءِ (وَإِنْ تَشَاحَّا) أَيْ تَنَازَعَا بِأَنَّ أُضْحِيَّتِي أَعْظَمُ وَأَسْمَنُ وَلَمْ يَرْضَيَا (ضَمَّنَ كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (صَاحِبَهُ قِيمَةَ لَحْمِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ لَمَّا وَقَعَتْ لِصَاحِبِهِ كَانَ اللَّحْمُ لَهُ وَمَنْ أَتْلَفَ لَحْمَ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ ضَمَّنَهُ (وَتَصَدَّقَ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ.

(وَصَحَّتْ التَّضْحِيَةُ بِشَاةِ الْغَصْبِ دُونَ شَاةِ الْوَدِيعَةِ وَضَمِنَهَا) ؛ لِأَنَّ فِي الْغَصْبِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ فَكَانَتْ التَّضْحِيَةُ وَارِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>