للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ» وَالْوُضُوءُ هُنَا غَسْلُ الْيَدِ (وَيَبْدَأُ بِالشُّبَّانِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْأَكْلِ لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْهِمْ الشُّيُوخُ (وَبِالشُّيُوخِ بَعْدَهُ) وَهُوَ أَدَبٌ لِمَا فِيهِ إكْرَامٌ لَهُمْ فَلَا يُمْسَحُ يَدٌ قَبْلَ الطَّعَامِ بِالْكُلِّيَّةِ.

(وَلَا يَحِلُّ شُرْبُ لَبَنِ الْأَتَانِ) بِالْفَتْحِ هِيَ أُنْثَى الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِكَوْنِ اللَّبَنِ مُتَوَلِّدًا مِنْ لَحْمٍ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ وَلَا يَأْكُلُ الْجَلَّالَةَ وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ أَكْلِهَا وَشُرْبِ لَبَنِهَا» .

وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ سَقَى مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ خَمْرًا فَذُبِحَ مِنْ سَاعَةٍ حَلَّ أَكْلُهُ وَيُكْرَهُ.

(وَلَا) يَحِلُّ (بَوْلُ إبِلٍ) لِلِاخْتِلَافِ إذْ عِنْدَ الْإِمَامِ حَرَامٌ لِكَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْبَوْلِ حُرْمَةٌ وَقَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شِفَاءَ الْعُرَنِيِّينَ بِالْوَحْيِ فَالشِّفَاءُ فِي غَيْرِهِمْ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحِلُّ التَّدَاوِي بِشُرْبِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُرَنَةَ مَرِضُوا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنْ يَلْحَقُوا الْمَرْعَى وَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا» وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحِلُّ مُطْلَقًا إذْ لَوْ كَانَ حَرَامًا لَا يَحِلُّ بِهِ التَّدَاوِي لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا وُضِعَ شِفَاؤُكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» .

(وَ) لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ (إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيمَنْ شَرِبَ مِنْهُ إنَّمَا تُجَرْجَرُ فِي بَطْنِهِ نَارُ جَهَنَّمَ» قِيلَ يُجَرْجَرُ بِمَعْنَى يُلْقَى فَيَكُونُ نَارَ جَهَنَّمَ مَفْعُولًا وَقِيلَ بِمَعْنَى يُصَوِّتُ مِنْ جَرْجَرَ الْجَمَلُ إذَا ازْدَادَ صَوْتُهُ فِي حَنْجَرَتِهِ فَيَكُونُ نَارٌ فَاعِلًا فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَكَذَا فِي التَّطَيُّبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَيَسْتَوِي الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَكَذَا الْأَكْلُ بِمِلْعَقَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالِاكْتِحَالِ بِمِيلِهِمَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ الْإِدْهَانُ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَأْخُذَ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَصُبَّ الدُّهْنَ عَلَى الرَّأْسِ أَمَّا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ وَأَخَذَ الدُّهْنَ ثُمَّ صَبَّهُ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ الْيَدِ لَا يُكْرَهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.

وَفِي التَّسْهِيلِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِمِلْعَقَةٍ ثُمَّ أَكَلَهُ مِنْ الْمِلْعَقَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ وَأَكَلَهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِئَلَّا يَنْفَتِحَ بَابُ اسْتِعْمَالِهَا لَكِنْ فِي الدُّرَرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ.

(وَحَلَّ اسْتِعْمَالُ إنَاءِ عَقِيقٍ وَبِلَّوْرٍ وَزُجَاجٍ وَرَصَاصٍ) عِنْدَنَا لِعَدَمِ التَّفَاخُرِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْآنِيَةِ عَادَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُكْرَهُ لِحُصُولِ التَّفَاخُرِ كَالْحَجَرَيْنِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ وَلَئِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جَارِيَةً بِالتَّفَاخُرِ فِي غَيْرِهَا فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأُشْنَانُ فِي مَعْنَاهُمَا فَامْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ بِهِمَا وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي مِنْ الصُّفْرِ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إبَاحَةِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ بَلْ عَيْنُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>