للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَضْلٌ لِأَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ أَيْ أُجْرَةَ الْبَيْتِ بِسَبَبِ الْحَبْسِ وَحَقُّ الْحَبْسِ فِي الْكُلِّ ثَابِتٌ لَهُ وَأَمَّا الْجُعْلُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ لِأَجْلِ الضَّمَانِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ وَعَنْ هَذَا قَالَ.

(أَمَّا جُعْلُ الْآبِقِ وَالْمُدَاوَاةِ) أَيْ مُدَاوَاةُ الْقُرُوحِ وَمُعَالَجَةُ الْأَمْرَاضِ (وَالْفِدَاءُ مِنْ الْجِنَايَةِ فَمُنْقَسِمٌ عَلَى الْمَضْمُونِ وَالْأَمَانَةِ) يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْمَضْمُونِ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ وَمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الْأَمَانَةِ فَعَلَى الرَّاهِنِ إذَا تَقَرَّرَ عِنْدَكَ مَا نَقَلْنَا مِنْ الْهِدَايَةِ لَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ الِاخْتِلَالِ وَلَوْ قَالَ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ حِفْظِهِ كَأُجْرَةِ بَيْتِ حِفْظٍ وَحَافِظٍ وَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَضْلٌ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ رَدِّهِ إلَى يَدِهِ أَوْ رَدِّ جُزْئِهِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَيْ الدَّيْنِ فَمُنْقَسِمٌ عَلَى الْمَضْمُونِ وَالْأَمَانَةِ كَالْفِدَاءِ مِنْ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكَانَ أَسْلَمَ تَدَبَّرْ.

(وَمُؤْنَةُ تَبْقِيَتِهِ) أَيْ جَعْلُ الرَّهْنِ بَاقِيًا (وَ) مُؤْنَةُ (إصْلَاحِهِ) أَيْ إصْلَاحِ مَنْفَعَتِهِ (عَلَى الرَّاهِنِ كَالنَّفَقَةِ) مِنْ مَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ (وَالْكِسْوَةُ وَأُجْرَةُ الرَّاعِي وَأُجْرَةُ ظِئْرِ وَلَدِ الرَّهْنِ) هَذِهِ أَمْثِلَةُ مُؤْنَةِ التَّبْقِيَةِ (وَسَقْيُ الْبُسْتَانِ وَتَلْقِيحُ نَخْلِهِ) أَيْ نَخْلِ الْبُسْتَانِ (وَجِذَاذُهُ) أَيْ التَّمْرِ مِنْ النَّخْلِ (وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ) كَإِصْلَاحِ جِدَارِهِ وَقَلْعِ الْحَشِيشِ الْمُضِرِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ هَذِهِ أَمْثِلَةُ الْمُؤْنَةِ لِإِصْلَاحِ مَنَافِعِهِ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ الرَّهْنِ بِنَفْسِهِ وَتَبْقِيَتُهُ فَهُوَ عَلَى الرَّاهِنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ وَكَذَا مَنَافِعُهُ مَمْلُوكَةٌ لَهُ أَصْلًا وَتَبْقِيَتُهُ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ مُؤْنَةٌ مَلَكَهُ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ.

(وَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (مِمَّا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ بِلَا أَمْرٍ) أَيْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي (فَهُوَ تَبَرُّعٌ) فِيمَا أَدَّاهُ كَمَا إذَا قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

(وَ) مَا أَدَّاهُ مِمَّا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِهِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ) الْمُؤَدِّي (بِهِ) أَيْ بِمَا أَدَّاهُ وَقَيَّدَ صَاحِبُ الْمِنَحِ فِي مَتْنِهِ بِقَوْلِهِ وَيَجْعَلُهُ دَيْنًا عَلَى الْآخَرِ وَقَالَ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَبِمُجَرَّدِ أَمْرِ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِجَعْلِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَفِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ (وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا لَا يَرْجِعُ بِهِ إذَا أَدَّاهُ بِلَا أَمْرِ صَاحِبِهِ (إنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا) وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ الْآمِرُ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرَ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَهِيَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَلِي الْحَاضِرَ وَلَا يُنَفِّذُ أَمْرَهُ عَلَيْهِ فَلَوْ نَفَّذَ أَمْرَهُ عَلَيْهِ لَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَا يَمْلِكُ الْحَجْرَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَمْلِكُ فَيُنَفِّذُ أَمْرَهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ الرَّهْنُ غَيْرُ هَذَا وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ بَلْ هَذَا هُوَ الَّذِي رَهَنْتَهُ عِنْدِي فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ هُوَ الْقَابِضُ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَاكَ شَأْنُ الْأَمَانَاتِ الْغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>