للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجْدِيدُ الْقَبْضِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ إنْسَانٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ الرَّاهِنُ بِجَارِيَةٍ وَقَالَ خُذْهَا مَكَانَ الْعَبْدِ يَصِحُّ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ انْتَهَى يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الرَّهْنَ الثَّانِيَ خَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا رَدَّ الْأَوَّلَ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ لَمْ يَرُدَّ.

(وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ) أَيْ الدَّيْنَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ (فَهَلَكَ الرَّهْنُ) فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (هَلَكَ بِلَا شَيْءٍ) اسْتِحْسَانًا.

وَقَالَ زُفَرُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ مَضْمُونًا فَيَبْقَى الضَّمَانُ مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَلَنَا أَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ وَالدَّيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ اسْتِيفَاءٍ وَذَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ وَبِالْإِبْرَاءِ لَمْ يَبْقَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الدَّيْنُ وَالْحُكْمُ الثَّابِتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يَزُولُ بِزَوَالِ أَحَدِهِمَا وَلِهَذَا لَوْ رَدَّ الرَّهْنَ يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَلَوْ بَقِيَ الدَّيْنُ وَكَذَا إذَا أَبْرَأهُ عَنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الدَّيْنِ وَإِنْ بَقِيَ الْقَبْضُ فَأَمَّا إذَا أَحْدَثَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مَنْعًا ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِأَنَّ حَقَّ الْمَنْعِ لَمْ يَبْقَ فَصَارَ فِيمَا يَمْنَعُ غَاصِبًا فَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَكَذَا لَوْ ارْتَهَنَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِالصَّدَاقِ وَأَبْرَأَتْهُ أَوْ وَهَبْته أَوْ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى صَدَاقِهَا ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فِي هَذَا كُلِّهِ وَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِسُقُوطِ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْإِبْرَاءِ.

(وَلَوْ قَبَضَ) الْمُرْتَهِنُ (دَيْنَهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) كَالْمُتَطَوِّعِ (أَوْ شَرَى بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ (عَيْنًا) مِنْهُ (أَوْ صَالَحَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ (عَلَى شَيْءٍ أَوْ احْتَالَ بِهِ) أَيْ أَحَالَ الرَّاهِنُ مُرْتَهِنَهُ بِدَيْنِهِ (عَلَى آخَرَ ثُمَّ هَلَكَ) الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (قَبْلَ رَدِّهِ) أَيْ إلَى الرَّاهِنِ (هَلَكَ بِالدِّينِ) لِأَنَّ نَفْسَ الدَّيْنِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَنَحْوِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَنْفُسِهَا لَكِنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَتَعَذَّرُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لَا يُعْقِبُ مُطَالَبَةَ مِثْلِهِ فَيَقْضِي إلَى الدُّورِ فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ تَقَرَّرَ الِاسْتِيفَاءُ الْأَوَّلُ فَانْتَقَضَ الِاسْتِيفَاءُ الثَّانِي لِئَلَّا يَتَكَرَّرُ الِاسْتِيفَاءُ (وَيَرُدُّ مَا قَبَضَ إلَى مَنْ قَبَضَ مِنْهُ) هَذَا فِي صُورَةِ إيفَاءِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُتَطَوِّعِ أَوْ الشِّرَاعِ أَوْ الصُّلْحِ.

(وَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ) وَيَهْلِكُ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ إذْ بِالْحَوَالَةِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَكِنَّ ذِمَّةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ تَقُومُ مَقَامَ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلِذَا يَعُودُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا.

(وَكَذَا) أَيْ كَمَا يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يَهْلِكُ بِهِ أَيْضًا (لَوْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ ثُمَّ هَلَكَ) الرَّهْنُ (هَلَكَ بِالدَّيْنِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ أَوْ بِجِهَتِهِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ كَمَا فِي الدَّيْنِ الْمَوْجُودِ وَقَدْ بَقِيَتْ الْجِهَةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ بَعْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يُسْقِطُ الدَّيْنَ أَصْلًا وَبِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَتَعَذَّرُ الِاسْتِيفَاءُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَائِدَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>