للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْخُصْيَةُ وَالْمَثَانَةُ وَالذَّكَرُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَرَارَةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ) لِمَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ وَاصِلِ بْنِ جَمِيلَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ «كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الشَّاةِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَالْقُبُلَ وَالْغُدَّةَ وَالْمَرَارَةَ وَالْمَثَانَةَ وَالدَّمَ» قَالَ الْإِمَامُ الدَّمُ حَرَامٌ وَكَرِهَ السِّتَّةَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] فَلَمَّا تَنَاوَلَهُ النَّصُّ قُطِعَ بِتَحْرِيمِهِ وَكُرِهَ مَا سِوَاهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَخْبِثُهُ الْأَنْفُسُ وَتَكْرَهُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى سَبَبُ الْكَرَاهَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ إنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إنْ كَانَتْ مِنْ الْخَبَائِثِ يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهَا؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] يَنْتَظِمُهَا فَكَيْفَ تُجْعَلُ مَكْرُوهَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى الْكَرَاهَةِ بِمَعْنًى آخَرَ وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ تَفْصِيلٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَطْلَقَ اسْمَ الْحَرَامِ عَلَى الدَّمِ الْمَسْفُوحِ وَسَمَّى مَا سِوَاهُ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حُرْمَتُهُ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَهُوَ النَّصُّ الْمُعْتَبَرُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥] وَبَقِيَّةُ السِّتَّةِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ بَلْ بِالِاجْتِهَادِ وَبِظَاهِرِ الْكِتَابِ الْمُحْتَمِلِ لِلتَّأْوِيلِ وَالْحَدِيثِ.

(وَلِلْقَاضِي أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْغَائِبِ وَالطِّفْلِ وَاللُّقَطَةَ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِخْلَاصِ فَلَا يَفُوتُ الْحِفْظُ بِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُلْتَقِطِ لِعَجْزِهِمْ فَيَكُونُ تَضْيِيعًا إلَّا أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا نَشَدَ اللُّقَطَةَ وَمَضَى مُدَّةُ النِّشْدَاتِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ الْإِقْرَاضُ مِنْ فَقِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ فَالْقَرْضُ أَوْلَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَفِي الْأَقْضِيَةِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَاضِي الْإِقْرَاضَ إذَا لَمْ يَحْصُلْ غَلَّةٌ لِلْيَتِيمِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ فَلَا يَمْلِكُهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ لِجَوَازِ الْإِقْرَاضِ الْقَاضِي عَدَمُ وَصِيِّ الْيَتِيمِ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ.

(وَلَوْ كَانَتْ حَشَفَةُ الصَّبِيِّ ظَاهِرَةً) حَيْثُ (مَنْ رَآهُ ظَنَّهُ مُخْتَنًا، وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا تُقْطَعُ جِلْدَةُ ذَكَرِهِ إلَّا بِمَشَقَّةِ جَازَ تَرْكُ خِتَانِهِ) عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ جِلْدَةِ ذَكَرِهِ لِتَنْكَشِفَ الْحَشَفَةُ فَإِذَا كَانَتْ الْحَشَفَةُ ظَاهِرَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَطْعِ، وَإِنْ كَانَ يُوَارِي الْحَشَفَةَ يُقْطَعُ الْفَضْلُ، وَلَوْ خَتَنَ وَلَمْ يَقْطَعْ الْجَلْدَةَ كُلَّهَا يَنْظُرُ إنْ قَطَعَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ يَكُونُ خِتَانًا؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَإِنْ قَطَعَ النِّصْفَ فَمَا دُونَهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ الْخِتَانِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا.

(وَكَذَا) جَازَ تَرْكُ خِتَانِ (شَيْخٍ أَسْلَمَ وَقَالَ أَهْل النَّظَرِ لَا يُطِيقُ الْخِتَانَ) لِلْعُذْرِ الظَّاهِرِ وَالْخِتَانُ سُنَّةٌ وَهُوَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَخَصَائِصِهِ فَلَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ حَارَبَهُمْ الْإِمَامُ.

(وَوَقْتُ الْخِتَانِ غَيْرُ مَعْلُومٍ) عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِوَقْتِهِ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُمَا فِيهِ شَيْءٌ (وَقِيلَ سَبْعُ سِنِينَ) وَقِيلَ لَا يُخْتَنُ حَتَّى يَبْلُغَ وَقِيلَ أَقْصَاهُ اثْنَيْ عَشَرَ سَنَةً، وَقِيلَ تِسْعُ سِنِينَ وَقِيلَ وَقْتُهُ عَشْرُ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَ عَشْرًا اعْتِبَارًا أَوْ تَخَلُّقًا فَيَحْتَاجُ إلَى الْخِتَانِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلطَّهَارَةِ وَقِيلَ إنْ كَانَ قَوِيًّا يُطِيقُ أَلَمَ الْخِتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>