للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَمَانِ وَقَدْ اسْتَفَادَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.

(وَإِلَّا فَلَا) يُعَشَّرُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِيصَالِ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ الْوَزِيرُ وَمَا قِيلَ إذَا قَالَ أَدَّيْت إلَى عَاشِرٍ آخَرَ وَفِي تِلْكَ السَّنَةِ عَاشِرٌ آخَرُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فِيهِ، وَإِلَّا يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِيصَالِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ مَرْدُودٌ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي التُّحْفَةِ وَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرَهُ وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ أُجْرَةُ الْحِمَايَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ مِنْ هَذَا الْعَاشِرِ الْآخَرِ كَمَا وُجِدَتْ مِنْ الْعَاشِرِ الْأَوَّلِ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ أَحَدِهِمَا بِأَخْذِ الْآخَرِ حَقَّهُ وَالِاسْتِيصَالُ لَا يَلْزَمُ بِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ بِالتَّعْشِيرِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا الرُّجُوعُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ انْتَهَى. لَكِنَّ هَذَا الدَّلِيلَ جَارٍ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ أُجْرَةُ الْحِمَايَةِ أَيْضًا كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ تَدَبَّرْ.

(وَتُعَشَّرُ قِيمَةُ الْخَمْرِ) ، وَلَوْ قَالَ قِيمَةَ خَمْرِ كَافِرٍ لِلتِّجَارَةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَاشِرَ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ إذَا مَرَّ بِالْخَمْرِ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَا يَأْخُذُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَجُلُودُ الْمَيْتَةِ كَالْخَمْرِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (لَا قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ) أَيْ لَوْ مَرَّ بِهِمَا عَلَى الْعَاشِرِ عَشَّرَ الْخَمْرَ أَيْ مِنْ قِيمَتِهَا دُونَ الْخِنْزِيرِ، وَكَذَا إنْ مَرَّ بِهَا لَا إنْ مَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَهُمْ فَأَخْذُ قِيمَتِهِ كَأَخْذِ عَيْنِهِ، وَالْخَمْرُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَأَخْذُ قِيمَتِهَا لَا يَكُونُ كَأَخْذِهَا وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ الرُّجُوعُ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي الْعِنَايَةِ يُعْرَفُ بِقَوْلِ الْفَاسِقَيْنِ تَابَا أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَسْلَمَا انْتَهَى. لَكِنْ إنَّ الْقِيَمَ تَخْتَلِفُ بِحَسْبِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، وَوُجُودُ فَاسِقَيْنِ تَابَا أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَسْلَمَا حِينَ صُدُورِ الدَّعْوَى نَادِرٌ تَدَبَّرْ.

(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ مَرَّ بِهِمَا مَعًا يُعَشِّرُهُمَا) كَأَنَّهُ جَعَلَ الْخِنْزِيرَ تَابِعًا وَعَشَّرَ الْخَمْرَ دُونَ الْخِنْزِيرِ إنْ مَرَّ بِهِمَا عَلَى الِانْفِرَادِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُعَشِّرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَقَالَ زُفَرُ يُعَشِّرُهُمَا مُطْلَقًا.

(وَلَا يُعَشَّرُ مَالٌ تُرِكَ فِي الْمِصْرِ) لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ بُرُوزُهُ بِالْمَالِ عَلَيْهِ فَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (وَلَا) يُعَشَّرُ مَالٌ (بِضَاعَةً) وَهِيَ مَالٌ يَكُونُ رِبْحُهُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِأَدَاءِ زَكَاتِهِ (وَلَا) يُعَشَّرُ مَالٌ (مُضَارَبَةً) .

وَفِي الْإِيضَاحِ هَذَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ دُونَ الْحَرْبِيِّ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ قَالَ الْحَرْبِيُّ: هَذَا الْمَالُ بِضَاعَةٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ.

(وَلَا) يُعَشَّرُ (كَسْبُ مَأْذُونٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُمَا وَلَا نِيَابَةَ مِنْ الْمَالِكِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ عُشِّرَتْ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا (إلَّا إنْ كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ (وَمَعَهُ مَوْلَاهُ) فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ وَلِلشُّغْلِ عَلَى أَصْلِهِمَا وَكَذَا لَا يَأْخُذُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَوْلَاهُ.

(وَمَنْ مَرَّ بِالْخَوَارِجِ فَعَشَّرُوهُ عُشِّرَ ثَانِيًا) إذَا مَرَّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>