للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَا) أَيْ الْمَعْدِنَ الَّذِي (وَجَدَهُ الْحَرْبِيُّ) فِي دَارِنَا (فَكُلُّهُ فَيْءٌ) كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا.

(وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ الْمَعْدِنَ وَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَرْبِيِّ لَكَانَ مُنَاسِبًا (فِي دَارِهِ) وَمَا فِي حُكْمِهَا كَالْمَنْزِلِ وَالْحَانُوتِ (لَا يُخَمَّسُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» كَالْكَنْزِ.

(وَفِي أَرْضِهِ) الْمَمْلُوكَةِ قَيَّدْنَا بِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ تَجِبُ اتِّفَاقًا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَفِيهِمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْحَوْلُ فِي قَوْلٍ (رِوَايَتَانِ) فَفِي الْأَصْلِ لَا شَيْءَ فِيهِ.

وَفِي الْجَامِعِ خُمُسٌ وَالْفَرْقُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّارِ أَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تُمْلَكْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ بَلْ فِيهَا الْخَرَاجُ وَالْعُشْرُ وَالْخُمُسُ مِنْ الْمُؤَنِ بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّهَا تُمْلَكُ خَالِيَةً عَنْهَا.

(وَإِنْ وَجَدَ كَنْزًا فِيهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ) مِثْلُ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ اسْمِ الْمَلِكِ الْإِسْلَامِيِّ (فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(وَمَا فِيهِ عَلَامَةُ الْكُفْرِ) مِثْلُ الصَّنَمِ أَوْ أَسَامِي مُلُوكِهِمْ الْمَعْرُوفِينَ (خُمِّسَ) يُقَالُ خَمَسَ الْقَوْمَ إذَا أَخَذَ خُمُسَ أَمْوَالِهِمْ مِنْ بَابِ طَلَبَ وَالْخُمُسُ بِضَمَّتَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ الْمِيمُ وَهَاهُنَا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَجَازَ بِنَاءُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ (وَبَاقِيهِ لَهُ) أَيْ لِلْوَاجِدِ سِوَى الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (إنْ كَانَتْ أَرْضُهُ) أَيْ الْأَرْضُ الَّتِي وَجَدَ فِيهَا الْكَنْزَ (غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ) كَالْجَبَلِ وَالْمَفَازَةِ وَغَيْرِهِمَا.

(وَإِنْ) كَانَتْ (مَمْلُوكَةً فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ الْخُمُسُ فَيْءٌ وَبَاقِيهِ لِلْوَاجِدِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِتَمَامِ الْحِيَازَةِ وَهُوَ مِنْ الْوَاجِدِ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ فِي مُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ، تَتَبَّعْ (وَعِنْدَهُمَا بَاقِيهِ لِمَنْ مَلَكَهَا أَوَّلَ الْفَتْحِ) أَيْ حِينَ فَتَحَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ تِلْكَ الْبَلْدَةَ (إنْ عَلِمَ) وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِوَرَثَتِهِ ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ عَرَفُوا؛ لِأَنَّ الْمُخْتَطَّ لَهُ مِلْكُ الْأَرْضِ بِالْحِيَازَةِ فَيَمْلِكُ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا وَالْمُشْتَرِي مَلَكَهَا بِالْعَقْدِ فَيَمْلِكُ الظَّاهِرَ دُونَ الْبَاطِنِ فَبَقِيَ الْكَنْزُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْخُطَّةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ (فَلِأَقْصَى مَالِكٍ عُرِفَ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ) وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ.

وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَهَذَا إذَا تَصَادَقَا أَنَّهُ كَنْزٌ فَلَوْ قَالَ صَاحِبُهُ: أَنَا وَضَعْتُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ.

(وَمَا اشْتَبَهَ ضَرْبُهُ) عَلَيْهِمْ بِأَنْ خَلَا عَنْ الْعَلَامَةِ (يُجْعَلُ كَافِرِيًّا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَقِيلَ إسْلَامِيًّا فِي زَمَانِنَا) لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ.

(وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَوَجَدَ فِي صَحْرَائِهَا رِكَازًا) أَيْ مَعْدِنَ ذَهَبٍ وَنَحْوِهِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَالْمَفَازَةِ فَإِنَّ الرِّكَازَ اسْمٌ لِلْمَعْدِنِ حَقِيقَةً وَلِلْكَنْزِ مَجَازًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكَنْزُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنْ يَدْفَعُهُ مَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ تَدَبَّرْ (فَكُلُّهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ فَلَا يَكُونُ غَدْرًا، وَفِيهِ إشْعَارٌ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ مُتَلَصِّصٌ دَارَهُمْ وَوَجَدَ فِي صَحْرَائِهِمْ رِكَازًا فَهُوَ لَهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُجَاهِرٍ وَلَمْ يَأْخُذْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>