للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بِقَدْرِ الْمِلْكِ مِنْ الْأَنْصِبَاءِ.

(وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ عَلَى كُلِّ) وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فِطْرَةٌ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ) أَيْ رُءُوسِ الْعَبِيدِ (دُونَ الْأَشْقَاصِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ لَهُمَا عَبْدٌ وَاحِدٌ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ اثْنَيْنِ تَجِبُ عَلَى كُلٍّ صَدَقَةُ عَبْدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَكَذَا وَلَا يَجِبُ عَنْ الثَّالِثِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً تَجِبُ عَلَى كُلٍّ صَدَقَةُ عَبْدَيْنِ وَعَلَى هَذَا وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُمَا يَرَيَانِ قِسْمَةَ الرَّقِيقِ وَالْإِمَامُ لَا يَرَاهَا وَقِيلَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الْكَافِي.

(وَلَوْ بِيعَ عَبْدٌ بِخِيَارٍ) وَالْمُرَادُ بِالْخِيَارِ خِيَارُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ رُدَّ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا وَإِنْ رُدَّ بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي (فَعَلَى مَنْ يَتَقَرَّرُ الْمِلْكُ لَهُ) أَيْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ صَدَقَةِ فِطْرِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا وَإِذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ الْعَبْدُ لَهُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى الْبَائِعِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ كَالنَّفَقَةِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَمْ تَجِبْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا.

(وَتَجِبُ) الْفِطْرَةُ (بِطُلُوعِ) أَيْ بَعْدَ طُلُوعِ (فَجْرِ يَوْمِ الْفِطْرِ) أَيْ وُجُوبُ الْفِطْرَةِ يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ تَعَلُّقَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِالشَّرْطِ لَا تَعَلُّقَهُ بِالسَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ شَرْطٌ وَالرَّأْسُ سَبَبٌ وَالْمَعْنَى وَقْتُ الْوُجُوبِ ثَبَتَ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ.

(فَمَنْ مَاتَ قَبْلُ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ) فِطْرَتُهُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ.

(وَصَحَّ تَقْدِيمُهَا) عَلَى يَوْمِ الْفِطْرِ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ، وَالْوَقْتُ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَالتَّعْجِيلُ بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ جَائِزٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ (بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مُدَّةٍ وَمُدَّةٍ) ، وَلَوْ عَشْرُ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَقِيلَ: سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقِيلَ جَازَ أَنْ تُؤَدَّى فِي رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقِيلَ فِي نِصْفِهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ وَقِيلَ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ وَقَالَ الْحَسَنُ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا أَصْلًا كَالْأُضْحِيَّةِ.

(وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ) بَعْدَ الطُّلُوعِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ أَدَّاهَا بَعْدَهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» وَيَجِبُ دَفْعُ فِطْرَةِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ فَرَّقَهَا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ.

وَقَالَ فِي الْمِنَحِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ إلَى وَاحِدٍ وَيَجُوزُ دَفْعُ مَا يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ شُرِطَ عَدَدُ الْوُصُولِ إلَى النِّصَابِ.

(وَلَا تَسْقُطُ) صَدَقَةُ الْفِطْرِ (بِالتَّأْخِيرِ) وَلَا يُكْرَهُ التَّأْخِيرُ وَإِنْ طَالَ وَكَانَ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا لَكِنْ فِيهِ إسَاءَةٌ وَعَنْ الْحَسَنِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ يَوْمِ الْفِطْرِ وَعَنْهُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ.

[مِقْدَار صَدَقَة الْفِطْر]

(وَهِيَ) أَيْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ (نِصْفُ صَاعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>