للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يُفْطِرُ؛ لِأَنَّ الْمُبِيحَ هُوَ الْمَرَضُ لَا الضَّعْفُ وَكَذَا لَوْ خَافَ مِنْ الْمَرَضِ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي التَّبْيِينِ وَوَفَّقَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْخَوْفِ فِي كَلَامِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مُجَرَّدُ الْوَهْمِ.

وَفِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ غَلَبَةُ الظَّنِّ فَلَا مُخَالَفَةَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُفْطِرَ مَنْ ذَهَبَ بِهِ مُتَوَكِّلُ السُّلْطَانِ إلَى الْعِمَارَةِ فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ وَالْعَمَلُ حَثِيثٌ إذَا خَشِيَ الْهَلَاكَ أَوْ نُقْصَانَ الْعَقْلِ.

وَفِي الْمُبْتَغِي الْعَطَشُ الشَّدِيدُ وَالْجُوعُ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ يُبِيحُ الْإِفْطَارَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِإِتْعَابِ نَفْسِهِ وَمَنْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي شَيْءٍ أَوْ عَمَلٍ حَتَّى أَجْهَدَهُ الْعَطَشُ فَأَفْطَرَ كَفَّرَ، وَقِيلَ لَا وَالْغَازِي إذَا كَانَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ يُقَاتِلُ فِي رَمَضَانَ وَخَافَ الضَّعْفَ إنْ لَمْ يُفْطِرْ يُفْطِرُ قَبْلَ الْحَرْبِ مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا (بِالصَّوْمِ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ أَوْ فَوَاتَ الْعُضْوِ (وَلِلْمُسَافِرِ) الَّذِي لَهُ قَصْرُ الصَّلَاةِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ الْمُسَافِرُ إذَا تَذَكَّرَ شَيْئًا قَدْ نَسِيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَدَخَلَ فَأَفْطَرَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ قِيَاسًا، وَبِهِ نَأْخُذُ وَلَوْ سَافَرَ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ حَضَرَ مِنْ سَفَرِهِ أَفْطَرَ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

(وَصَوْمُهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ (أَحَبُّ) أَيْ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يُفْطِرْ عَامَّةُ رُفَقَائِهِ، وَإِلَّا فَالْإِفْطَارُ أَفْضَلُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمْ مُشْتَرَكَةً.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْفِطْرُ أَفْضَلُ وَعِنْدَ أَصْحَابِ الظَّوَاهِرِ لَا يَجُوزُ الصَّوْمُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤] وَمَا رَوَوْهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْجَهْدِ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) السَّفَرُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الصَّوْمَ مَكْرُوهٌ إذَا أَجْهَدَهُ (وَلَا قَضَاءَ إنْ مَاتَا عَلَى حَالِهِمَا) أَيْ الْمَرِيضُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْحَقِيقِيُّ أَوْ الْحُكْمِيُّ كَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالْحَائِضِ وَغَيْرِهِنَّ وَالْمُسَافِرِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْوَصِيَّةُ بِالْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُدْرِكَا عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْقَضَاءُ.

(وَيَجِبُ) الْقَضَاءُ (بِقَدْرِ مَا فَاتَهُمَا إنْ صَحَّ) الْمَرِيضُ وَلَوْ قَالَ إنْ قَدَرَ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْقُدْرَةُ لَا الصِّحَّةُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا تَسْتَلْزِمَ الثَّانِيَةَ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ (أَوْ أَقَامَ) الْمُسَافِرُ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُ لِوُجُودِ عِدَّةٍ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ وَلَمْ يَقُمْ الْمُسَافِرُ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُمَا بَلْ قَدَرَ أَوْ أَقَامَ مِقْدَارًا أَنْقَصَ مِنْ مُدَّةِ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ ثُمَّ مَاتَا (فَبِقَدْرِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ) ، وَفَائِدَةُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَدْرِهِمَا وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِمَا وَعَنْ هَذَا قَالَ مُفَرِّعًا عَلَيْهِ (فَيُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ) أَرَادَ بِهِ مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ فَيَشْمَلُ الْوَصِيَّ (لِكُلِّ يَوْمٍ كَالْفِطْرَةِ) أَيْ وَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ فِدْيَةَ مَا فَاتَهُمَا مِنْ أَيَّامِ الصِّيَامِ كَالْفِطْرَةِ عَيْنًا أَوْ قِيمَةً فَلَوْ فَاتَ بِالْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ صَوْمُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا وَعَاشَ بَعْدَهُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِلَا قَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ فَاتَ خَمْسَةٌ وَعَاشَ ثَلَاثَةً فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ (وَيَلْزَمُ) أَيْ وَيَجِبُ إطْعَامُ الْوَارِثِ (مِنْ الثُّلُثِ) إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ وَإِلَّا فَمِنْ الْكُلِّ (إنْ أَوْصَى) الْمُوَرِّثُ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِيصَاءَ وَاجِبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>