للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا لَمْ يَجِبْ بَعْدُ فَلَا يَسْقُطُ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهَا لَوْ جَعَلَتْ لِزَوْجِهَا مَالًا أَوْ حَطَّتْهُ مِنْ مَهْرِهَا لِيَزِيدَ قَسْمُهَا كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ بِمَا أَعْطَتْهُ، وَكَذَا لَوْ زَادَ الزَّوْجُ فِي مَهْرِهَا لِيَجْعَلَ يَوْمَهَا لِغَيْرِهَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

ِ أَخَّرَهُ عَنْ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَصْلِ مِنْ بَعْضِهِ وَهُوَ كَالرَّضَاعَةِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ الْهَاءِ لُغَةً: شُرْبُ اللَّبَنِ مِنْ الضَّرْعِ، أَوْ الثَّدْيِ وَشَرْعًا (هُوَ مَصُّ الرَّضِيعِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِلَبَنٍ خَالِصٍ أَوْ مُخْتَلِطٍ غَالِبًا، تَعْبِيرُهُ بِالْمَصِّ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ الْمُرَادَ وُصُولُ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِهِ مِنْ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَصِّ وَالصَّبِّ وَالسَّعُوطِ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ اللَّبَنَ وَصَلَ إلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّ فِي الْمَانِعِ شَكًّا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ (مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الثَّدْيَ مُخْتَصٌّ بِآدَمِيَّةٍ (فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ) وَاحْتَرَزَ بِمَصِّ الرَّضِيعِ عَنْ مَصِّ غَيْرِهِ كَمَا إذَا وَقَعَ بَعْدَ الْفِطَامِ وَبِقَوْلِهِ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ عَمَّا إذَا مَصَّ مِنْ غَيْرِهِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ احْتِرَازًا عَنْ الْمَصِّ فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا تَحْرُمُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا قَدْ حَصَلَ مِنْ قَوْلِهِ: مَصُّ الرَّضِيعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ أَمْثَالَ ذَلِكَ قَدْ يُذْكَرُ تَحْقِيقًا وَتَوْضِيحًا لِمَا عُلِمَ ضِمْنًا، تَدَبَّرْ.

(وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ) أَيْ الرَّضَاعِ، وَهُوَ حِلُّ النَّظَرِ وَحُرْمَةِ الْمُنَاكَحَةِ (بِقَلِيلِهِ) ، وَلَوْ قَطْرَةٍ (وَكَثِيرِهِ) وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَالْأَحَادِيثِ وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ شَرَطَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُشْبِعَاتٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَهُ فِي أَقَلِّهَا، وَمَا رَوَاهُ وَهُوَ «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ» مَرْدُودٌ بِالْكِتَابِ، أَوْ مَنْسُوخٌ بِهِ (فِي مُدَّتِهِ) أَيْ الرَّضَاعِ (لَا بَعْدَهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (وَهِيَ) أَيْ مُدَّتُهُ (حَوْلَانِ وَنِصْفٌ) أَيْ ثَلَاثُونَ شَهْرًا مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ يُعْتَبَرُ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَثْنَائِهَا يُعْتَبَرُ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ يَثْبُتُ الرَّضَاعُ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقِيلَ إلَى أَرْبَعِينَ سَنَةٍ وَقِيلَ إلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ وَعِنْدَ زُفَرَ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ (وَعِنْدَهُمَا حَوْلَانِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ.

وَفِي الْحَاوِي إنْ خَالَفَاهُ قَالَ بَعْضُهُمْ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمُفْتِي وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ دَلِيلِهِمَا كَمَا حُقَّ فِي الْمُطَوَّلَاتِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ الْأَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>