للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عَبْدِي وَعَلَى هَذَا فَهِيَ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَأْوِيلَهَا مَعَ عِبَادِي يُنْبِئُ عَنْهُ {وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: ٣٠] فَإِنَّ دُخُولَهَا مَعَهُمْ لَيْسَ إلَّا إلَى الْجَنَّةِ فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِنَحْوِ قَوْله تَعَالَى {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} [الأحقاف: ١٦] كَمَا فِي الْفَتْحِ هَذَا فِي الْمَوْطُوءَةِ (وَفِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ) أَيْ إذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَنَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ تَقَعُ (وَاحِدَةٌ مِثْلُ وَاحِدَةٍ وَثِنْتَيْنِ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ ابْتِدَاءً أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ حَيْثُ تَقَعُ وَاحِدَةً وَلَا يَبْقَى لِلثِّنْتَيْنِ مَحَلٌّ كَمَا بَيَّنَّاهُ.

(وَإِنْ نَوَى مَعَ ثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ فِيهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ (أَيْضًا) كَمَا يَقَعُ ثَلَاثٌ فِي الْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مَعَ ثِنْتَيْنِ يَقَعَانِ مَعًا فَلَا يُخِلُّ كَوْنُهَا غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ وُقُوعُهُمَا مَعًا (وَفِي ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ) تَقَعُ (ثِنْتَانِ وَإِنْ نَوَى الضَّرْبَ) لِمَا عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي الْمَضْرُوبِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى مَعْنَى الْوَاوِ، أَوْ مَعْنَى مَعَ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَفِي غَيْرِهَا ثِنْتَانِ فِي الْأَوَّلِ وَثَلَاثٌ فِي الثَّانِي.

(وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هُنَا إلَى الشَّامِ) تَقَعُ (وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً) .

وَقَالَ زُفَرُ بَائِنَةً؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالطُّولِ وَلَا يُنْتَقَضُ بِإِيقَاعِهِ الرَّجْعِيَّ فِيمَا لَوْ صَرَّحَ بِالطُّولِ؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ أَقْوَى مِنْ الصَّرِيحِ وَلَنَا أَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْقِصَرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَتَى وَقَعَ وَقَعَ فِي الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا وَنَفْسُهُ لَا يَحْتَمِلُ الْقَصْرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَقَصُرَ حُكْمُهُ لِكَوْنِهِ رَجْعِيًّا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ إلَى الشَّامِ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ قَالَ تَطْلِيقَةً إلَى الشَّامِ يَكُونُ بَائِنًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (، وَفِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ بِمَكَّةَ، أَوْ فِي مَكَّةَ) أَوْ فِي ثَوْبِ كَذَا وَهِيَ لَابِسَةٌ غَيْرَهُ، أَوْ فِي الشَّمْسِ، أَوْ فِي الظِّلِّ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً أَوْ مُصَلِّيَةً (تَطْلُقُ لِلْحَالِ حَيْثُ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِمَكَانٍ، أَوْ ظَرْفٍ دُونَ آخَرَ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت فِي دُخُولِك مَكَّةَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ إلَى الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ حَيْثُ لَا تَقَعُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعْلِيقِ كَمَا إذَا قَالَ الشِّتَاءُ، أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الشُّمُنِّيِّ يَقَعُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي انْتِهَاءِ الشِّتَاءِ، أَوْ الشَّهْرِ عِنْدَهُمَا وَإِنْ نَوَى التَّنْجِيزَ يَقَعُ فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا.

(وَلَوْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (إذَا دَخَلْت مَكَّةَ، أَوْ دُخُولَك) فِيهَا (لَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (مَا لَمْ تَدْخُلْهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالدُّخُولِ فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي الثَّانِي كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالشَّرْطِ لِصِحَّةِ اسْتِعَارَةِ الظَّرْفِ لِأَدَاةِ الشَّرْطِ الْمُقَارِنَةِ بَيْنَ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالظَّرْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَظْرُوفَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الظَّرْفِ كَالْمَشْرُوطِ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الشَّرْطِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَدُّدِ مَعْنَاهُ أَعْنِي الظَّرْفَ، وَكَذَا إذَا قَالَ فِي لُبْسِك أَوْ ذَهَابِك وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مَا يَقُومُ بِهَا فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ فِي مَرَضِك، أَوْ وَجَعِك، أَوْ صَلَاتِك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمْرَضَ، أَوْ تُصَلِّيَ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(وَكَذَا الدَّارُ) فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِدُخُولِك الدَّارَ، أَوْ لِحَيْضِك فَتَطْلُقُ لِلْحَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>