للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْفَقَ الْأَجْنَبِيُّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ ابْنٍ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ (مَالَ الِابْنِ) الَّذِي أَوْدَعَهُ إيَّاهُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ بِلَا أَمْرٍ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا لَوْ عُمِّمَ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ (بِغَيْرِ أَمْرِ قَاضٍ ضَمِنَ) لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إنَابَةٍ وَوِلَايَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مُلْزَمٌ وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ لِلْغَائِبِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَقَضَاؤُهُ إعَانَةٌ لَهُمْ فَحَسْبُ.

وَفِي النَّوَادِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَكَان يُمْكِنُ اسْتِطْلَاعُ رَأْيِ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ قَالُوا فِي رَجُلَيْنِ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَأَنْفَقَ رَفِيقُهُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَاتَ فَجَهَّزَهُ صَاحِبُهُ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ (وَلَا يَرْجِعُ) الْمُودَعُ الْمُنْفِقُ إذَا ضَمِنَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَكَذَا عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَا يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ لَكَانَ أَشْمَلَ تَدَبَّرْ.

(وَلَوْ قَضَى) الْقَاضِي (بِنَفَقَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ) مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالْقَرَائِبِ (وَمَضَتْ مُدَّةٌ بِلَا إنْفَاقٍ سَقَطَتْ) النَّفَقَةُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ لِكِفَايَةِ الْحَاجَةِ فَتَسْقُطُ لِحُصُولِهَا بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الِاحْتِبَاسِ لَا بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ.

وَفِي الْحَاوِي نَفَقَةُ الصَّغِيرِ تَصِيرُ دَيْنًا بِالْقَضَاءِ دُونَ غَيْرِهِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُدَّةِ فَشَمِلَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ نَفَقَةَ مَا دُونَ الشَّهْرِ لَا تَسْقُطُ فَبِهَذَا يُمْكِنُ حَمْلُ مَا ذُكِرَ فِي زَكَاةِ الْجَامِعِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْمَحَارِمِ تَصِيرُ دَيْنًا بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ تَدَبَّرْ وَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالْقَضَاءِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي أَمَرَ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ) فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْقَاضِي كَإِذْنِ الْغَائِبِ فَتَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَقَدْ أَخَلَّ بِقَيْدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ الِاسْتِدَانَةُ وَالْإِنْفَاقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ كَمَا قُيِّدَ فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ حَتَّى قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: وَلَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ هُنَا فِي مَفْهُومِ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَقَالَ: إذَا أَذِنَ الْقَاضِي بِالِاسْتِدَانَةِ وَلَمْ يَسْتَدِنْ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَهَذَا غَلَطٌ بَلْ مَعْنَى الْكَلَامِ أَذِنَ الْقَاضِي فِي الِاسْتِدَانَةِ وَاسْتَدَانَ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: فَلَوْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْإِذْنِ بِالِاسْتِدَانَةِ مِنْ مَالِهِ أَوْ صَدَقَةٍ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَسْتَدِينَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقَ مِنْهَا لَكَانَ أَوْلَى.

وَفِي الْبَحْرِ لَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَسْقُطُ عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ خِلَافُهُ تَتَبَّعْ.

(وَ) تَجِبُ (عَلَى الْمَوْلَى نَفَقَةُ رَقِيقِهِ) وَهِيَ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>