للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَمٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ فَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الْعَمُّ فَوَرِثَاهُ عَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى الْأَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِالْإِرْثِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوْلَدَ أَمَةً بِالنِّكَاحِ ثُمَّ وَرِثَهَا مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَ ثَمَّةَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا مِنْ شَرِيكِهِ نَصِيبَهُ وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَعْتَمِدُ الصُّنْعَ كَمَا فِي الْكَافِي.

(عَبْدٌ) كَانَ (لِمُوسِرِينَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَكِنَّ تَقَيُّدَهُ بِيَسَارِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ بِمُفِيدٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ وَأَمَّا السَّاكِتُ فَلَا اعْتِبَارَ بِحَالِهِ مِنْ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ) نَصِيبَهُ (وَأَعْتَقَهُ آخَرُ) وَالثَّالِثُ سَاكِتُ (ضَمَّنَ) بِالتَّشْدِيدِ (السَّاكِتُ مُدَبِّرَهُ) أَيْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ تَضْمِينَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ فَإِنْ اخْتَارَهُ ضَمَّنَ الْمُدَبِّرَ لَا الْمُعْتِقَ.

(وَ) ضَمَّنَ (الْمُدَبِّرُ مُعْتِقَهُ ثُلُثَهُ) أَيْ ثُلُثَ قِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُدَبِّرًا لَا) أَيْ لَا يُضَمِّنُ الْمُدَبِّرُ مُعْتِقَهُ (مَا ضُمِّنَ) أَيْ لَا يُضَمِّنُ قِيمَةَ مَا مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ مِنْ جِهَةِ السَّاكِتِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ التَّضْمِينِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مُنَجَّزٌ عِنْدَهُ كَالْإِعْتَاقِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ، لَكِنَّهُ أَفْسَدَ نَصِيبَ شَرِيكَيْهِ فَأَحَدُهُمَا اخْتَارَ إعْتَاقَ حِصَّتِهِ فَتَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ اخْتِيَارُ أَمْرٍ آخَرَ كَالتَّضْمِينِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ لِلسَّاكِتِ تَوَجَّهَ سَبَبَانِ ضَمَانُ التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ لَكِنَّ ضَمَانَ التَّدْبِيرِ ضَمَانُ مُعَاوَضَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلِانْتِقَالِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَضَمَانُ الْمُعَاوَضَةِ هُوَ الْأَصْلُ فَيُضَمِّنُ الْمُدَبِّرَ ثُمَّ لِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ ثُلُثَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مُدَبَّرًا.

وَفِي الْبَحْرِ لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ حَرَّرَهُ الْآخَرُ فَلِلْمُدَبِّرِ تَضْمِينُ الْمُعْتِقِ ثُلُثَهُ مُدَبَّرًا إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَفِي عَكْسِهِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْمُدَبِّرُ الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ اخْتَارَ تَرْكَ الضَّمَانِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا أَوَّلَ فَإِنَّ لِلْمُدَبِّرِ تَضْمِينَ الْمُعْتِقِ رُبْعَ الْقِيمَةِ وَاسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ فِي رُبْعِ الْقِيمَةِ وَيَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا ضُمِّنَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ صَدَرَ الْإِعْتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ مِنْهُمَا مَعًا عِنْدَ الْإِمَامِ.

(وَالْوَلَاءُ ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبِّرِ وَثُلُثُهُ لِلْمُعْتِقِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِمَا عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْغَايَةِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَصَبَةِ الْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ لِلْمُدَبِّرِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ غَلَطٌ وَبَيَّنَ وَجْهَهُ فَلْيُطَالَعْ (وَقَالَا ضَمِنَ مُدَبِّرُهُ لِشَرِيكَيْهِ) ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ كَالْإِعْتَاقِ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا فَحِينَ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ صَارَ الْكُلُّ مُدَبَّرًا لَهُ وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْآخَرِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ فَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ.

(وَلَوْ مُعْسِرًا) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ ضَمِنَ جِنَايَةً، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لَهُمَا لَوْ مُوسِرًا وَلَوْ مُعْسِرًا يُعْتَقُ نَصِيبُهُمَا (وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَبِّرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ (وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْمَمْلُوكِ ثَلَاثَةٌ: الِاسْتِخْدَامُ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِوَاسِطَةِ الْبَيْعِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَبِالتَّدْبِيرِ يَفُوتُ الِاسْتِرْبَاحُ وَبَقِيَ لَهُ آخَرَانِ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>