للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضَبْطُهَا

وَيَجُوزُ عَلَيْهَا الْبُدَاءَةُ بِالطُّهْرِ وَالْخَتْمُ بِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ إحَاطَةِ الدَّمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَوْ رَأَتْ قَبْلَ عَادَتِهَا يَوْمًا دَمًا وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ هَذَا بَحْثٌ طَوِيلٌ فَلْيُطْلَبْ مِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.

(وَهُوَ) أَيْ الْحَيْضُ (يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ (وَتَقْضِيهِ دُونَهَا) أَيْ تَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ لِمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَقْضِي صِيَامَ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَلَا نَقْضِي الصَّلَاةَ» وَلِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَصِحَّةَ أَدَائِهَا وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّوْمِ بَلْ يَمْنَعُ صِحَّةَ أَدَائِهِ فَقَطْ فَنَفْسُ وُجُوبِهِ ثَابِتٌ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا طَهُرَتْ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ آخِرُ الْوَقْتِ عِنْدَنَا فَإِذَا حَاضَتْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ سَقَطَتْ، وَإِنْ طَهُرَتْ فِيهِ وَجَبَتْ فَإِذَا كَانَتْ طَهَارَتُهَا لِعَشَرَةٍ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي لَمْحَةً، وَإِنْ كَانَتْ لِأَقَلَّ مِنْهَا وَذَلِكَ عَادَتُهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارَ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ، وَالتَّحْرِيمَةَ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مُدَّةُ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ وَالصَّائِمَةُ إذَا حَاضَتْ فِي النَّهَارِ فَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ بَطَلَ صَوْمُهَا فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ إنْ كَانَ صَوْمًا وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ نَفْلًا لَا (وَ) يَمْنَعُ (دُخُولَ الْمَسْجِدِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي إبَاحَتِهِ الدُّخُولَ عَلَى وَجْهِ الْعُبُورِ وَالْمُرُورِ.

(وَ) يَمْنَعُ (الطَّوَافَ) ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ فِي الْمَسْجِدِ قِيلَ: وَإِذَا كَانَ الطَّوَافُ فِي الْمَسْجِدِ يَكُونُ الْحُكْمُ مَعْلُومًا مِنْ قَوْلِهِ: وَدُخُولَ الْمَسْجِدِ فَلِمَ ذَكَرَهُ؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ شُرُوعِ الْحَائِضِ لِلطَّوَافِ؛ إذْ يَلْزَمُهَا الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ حَائِضًا، وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ لَا يَجُوزُ لَهَا الطَّوَافُ؛ إذْ حِينَئِذٍ لَا يُوجَدُ مِنْهَا الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ حَائِضًا، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرِهَا.

(وَ) يَمْنَعُ (قُرْبَانَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ) كَالْمُبَاشَرَةِ وَالتَّفْخِيذِ وَيُحِلُّ الْقُبْلَةَ وَمُلَامَسَةَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ.

(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: قُرْبَانَ الْفَرْجِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ حُرْمَتُهُ دُونَ حُرْمَةِ مَا سِوَاهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّ وَطْئِهَا) وَاخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ فَقَدْ جَزَمَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَالِاخْتِيَارِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِمْ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ثَبَتَتْ بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ.

وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ وَصَحَّحَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَطِئَهَا غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ عَامِدًا مُخْتَارًا لَا جَاهِلًا وَلَا نَاسِيًا وَلَا مُكْرَهًا كَبِيرَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ وَقِيلَ: بِدِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ وَبِنِصْفِهِ فِي آخِرِهِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَحَرَامٌ فِي حَالَتَيْ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ.

(وَإِنْ انْقَطَعَ) الْحَيْضُ (لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ حَلَّ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْغُسْلِ) ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>