للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا أَنَّ الرَّمْيَ حِيلَةٌ يَعْتَادُهَا السُّرَّاقُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَا سَارِقٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تُقْطَعُ مُطْلَقًا (أَوْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ فَسَاقَهُ فَأَخْرَجَهُ) أَيْ: الْحِمَارَ (مِنْ الْحِرْزِ) ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ مُضَافٌ إلَيْهِ بِسَوْقِهِ. قَيَّدَ بِالسَّوْقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسُقْهُ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَمْ تُقْطَعْ، وَالْمُرَادُ مُتَسَبِّبًا فِي إخْرَاجِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي نَهْرٍ فِي الدَّارِ وَكَانَ الْمَاءُ ضَعِيفًا وَأَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يُضَافُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمَاءُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَقِيلَ يُقْطَعْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِسَبَبِهِ.

(وَلَوْ دَخَلَ بَيْتًا فَأَخَذَ) شَيْئًا (وَنَاوَلَ) أَيْ: أَعْطَى (مَنْ هُوَ خَارِجٌ) مِنْ الْبَيْتِ (لَا يُقْطَعَانِ) ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ بِهَتْكِ الْحِرْزِ، وَالْإِخْرَاجِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ مِنْهُمَا.

(وَكَذَا) لَا يُقْطَعَانِ (لَوْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَ) أَيْ: أَخَذَهُ مِنْ الدَّاخِلِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعُ الدَّاخِلُ) فَقَطْ (فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى وَيَقْطَعَانِ فِي) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ) .

وَفِي الْكَافِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ الْخَارِجُ أَدْخَلَ يَدَهُ حَتَّى نَاوَلَهُ الْآخَرُ الْمَتَاعَ، فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ أَخْرَجَ يَدَهُ مَعَ الْمَتَاعِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ الْخَارِجُ يُقْطَعُ الدَّاخِلُ لَا الْخَارِجُ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَمَّ مِنْهُ هَتْكُ الْحِرْزِ فَصَارَ الْمَالُ مُخْرَجًا بِفِعْلِهِ أَوْ بِمُعَاوَنَتِهِ فَيُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ فَإِمَّا الْخَارِجُ إنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمَالِ مِنْ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ، وَلَكِنْ الْآخَرُ أَخْرَجَ يَدَهُ إلَيْهِ فَإِنَّمَا أَخَذَ هُوَ مَتَاعًا غَيْرَ مُحْرَزٍ فَلَا يُقْطَعُ انْتَهَى.

لَكِنْ بَقِيَتْ هَاهُنَا صُورَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْبَيْتِ وَيَأْخُذَ شَيْئًا ثُمَّ يُنَاوِلَهُ مَنْ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ الْبَيْتِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فِيهِ أَيُقْطَعَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ أَمْ لَا فَعَلَى هَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ وَافِيَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَأَنْ يُعَبِّرَ بِعَنْ تَدَبَّرْ.

(وَكَذَا لَا يُقْطَعُ لَوْ نَقَبَ بَيْتًا وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَأَخَذَ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ تُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْحِرْزِ (أَوْ طَرَّ) أَيْ شَقَّ (صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ كُمِّ غَيْرِهِ خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ تُقْطَعُ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(وَإِنْ حَلَّهَا) أَيْ: الصُّرَّةَ (وَأَخَذَ مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ تُقْطَعُ اتِّفَاقًا) هَذَا مُجْمَلٌ وَتَفْصِيلُهُ، وَإِنْ طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ الْكُمِّ وَأَخَذَ الدَّرَاهِمَ لَمْ تُقْطَعْ، وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ وَطَرَّهَا وَأَخَذَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّ الرِّبَاطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ خَارِجٍ فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَا يُوجَدُ هَتْكُ الْحِرْزِ، وَالرِّبَاطُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ دَاخِلٍ فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ هَتْكُ الْحِرْزِ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ مِنْ الْكُمِّ، وَلَوْ حَلَّ الرِّبَاطَ تُقْطَعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَبْقَى فِي الْكُمِّ بَعْدَ حَلِّ الرِّبَاطِ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ الْحِرْزِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْهُ.

وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ الرِّبَاطَ تَبْقَى الدَّرَاهِمُ خَارِجَةً مِنْ الْكُمِّ فَلَمْ يُوجَدْ إخْرَاجُ الْمَالِ مِنْ الْحِرْزِ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَلَا يُقْطَعُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْطَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ إمَّا بِالْكُمِّ، أَوْ بِصَاحِبِهِ قُلْنَا الْمَرْءُ يُعَدُّ مَالُهُ مَحْفُوظًا

<<  <  ج: ص:  >  >>