للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَعَيَّبُ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا فِيمَا إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْقِيمَةِ وَتَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ لَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ، وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابًا، ثُمَّ شَقَّهُ وَانْتَقَصَ قِيمَتَهُ بِالشِّقِّ مِنْ النِّصَابِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَيَّدْنَا، وَهُوَ يُسَاوِي بَعْدَ الشَّقِّ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ إذَا شَقَّ فِي الدَّارِ وَانْتَقَصَ قِيمَتَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعْ وَقَيَّدْنَا مَا لَمْ يَكُنْ إتْلَافًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّقُّ إتْلَافًا فَلَهُ تَضْمِينُ الْقِيمَةِ وَتَرْكُ الثَّوْبِ عَلَيْهِ فَلَا قَطْعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ مُسْتَنِدٌ إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ تَأَمَّلْ.

(لَا) يُقْطَعُ (إنْ سَرَقَ شَاةً) فِي الدَّارِ (فَذَبَحَهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا) ، وَإِنْ بَلَغَ لَحْمُهَا نِصَابًا؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ عَلَى اللَّحْمِ وَلَا قَطْعَ فِيهِ لَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ.

(وَلَوْ ضَرَبَ الْمَسْرُوقَ) مِنْ الْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ قَدْرُ النِّصَابِ (دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ قُطِعَ وَرَدَّهَا) أَيْ: الدَّرَاهِمَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا لَا يَرُدُّهَا) بِنَاءً عَلَى الصَّنْعَةِ مِنْهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ، ثُمَّ وُجُوبُ الْقَطْعِ لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا يَجِبُ رَدُّ الدَّنَانِيرِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَقِيلَ يَجِبُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اتَّخَذَ النَّقْدَ آنِيَةً أَوْ غَيْرَهَا. قَيَّدَ بِالنَّقْدِ مُتَقَوِّمَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْحَدِيدَ، وَالرَّصَاصَ أَوَانِي، فَإِنْ كَانَ يُبَاعُ عَدَدًا فَهُوَ لِلسَّارِقِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا فَهُوَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ.

(وَلَوْ صَبَغَهُ) أَيْ: الثَّوْبَ الْمَسْرُوقَ (أَحْمَرَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ (وَلَا يَضْمَنُهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ، وَفِي التَّبْيِينِ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ فَقُطِعَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَلَا ضَمَانَ لَهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَالْكَافِي وَلَفْظُ الْهِدَايَةِ، وَإِنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَقُطِعَ فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الثَّوْبُ وَلَا يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ الصَّبْغِ عَنْ الْقَطْعِ وَلَفْظُ مُحَمَّدٍ سَرَقَ الثَّوْبَ فَقَطَعَ يَدَهُ، وَقَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَحْمَرَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصْبُغَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْمَوْلَى سَعْدِيٌّ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ لَيْسَتْ عَلَى مَا نَقَلَهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ سَرَقَ ثَوْبًا فَقُطِعَ فِيهِ، ثُمَّ صَبَغَهُ أَحْمَرَ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا كَانَ صُورَتُهَا مَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ انْتَهَى.

فَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنَّ مَا فِي التَّبْيِينِ أَنْ يَكُونَ نَقْلًا لِمَآلِ مَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ وَمُحَصِّلِهَا بِشَهَادَةِ قَوْلِهِ أَلَا تَرَى؛ وَلِذَا طَيُّ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعَ مِنْ الْبَيِّنِ لِيُشْعِرَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَصْبُغَهُ قَبْلَ الْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ.

(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ) الثَّوْبُ (وَيُعْطَى مَا زَادَ الصَّبْغُ) فِيهِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ مَالِهِ قَائِمَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ أَصْلٌ، وَالصَّبْغُ تَبَعٌ فَصَارَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ أَوْلَى وَلَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى وَحَقُّ الْمَالِكِ فِي الثَّوْبِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى لِزَوَالِ التَّقَوُّمِ بِالْقَطْعِ فَكَانَ حَقُّ السَّارِقِ أَحَقُّ بِالتَّرَجُّحِ.

(وَإِنْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ أُخِذَ مِنْهُ) الثَّوْبُ (وَلَا يُعْطَى شَيْئًا وَحَكَمَا) عَلَى صِيغَةِ الْمَاضِي الْمُثَنَّى (فِيهِ) أَيْ: فِي الْأَسْوَدِ (كَحُكْمِهِمَا فِي الْأَحْمَرِ) .

وَفِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ أُخِذَ مِنْهُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ يَعْنِي عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>