للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ فَقِيلَ: مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ: الْجَمْعُ سُنَّةٌ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ يَبْعَرُونَ بَعْرًا؛ لِأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ قَلِيلًا، وَأَهْلُ زَمَانِنَا يَأْكُلُونَ كَثِيرًا فَيَثْلِطُونَ ثَلْطًا، وَقِيلَ: سُنَّةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا هُوَ فِي الْجَوْهَرَةِ.

وَفِي الْمُفِيدِ: وَلَا يَسْتَنْجِي فِي حِيَاضٍ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا تُبْنَى لِلشُّرْبِ لَكِنْ يَتَوَضَّأُ، وَيَغْتَسِلُ فِيهَا (يَغْسِلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَخْرَجَ بِبَطْنِ إصْبَعٍ) وَاحِدَةٍ إنْ حَصَلَ بِهِ الْإِنْقَاءُ.

(وَإِصْبَعَيْنِ) إنْ اُحْتِيجَ إلَى الزِّيَادَةِ (أَوْ ثَلَاثٍ) إنْ اُحْتِيجَ إلَى أَزْيَدَ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى فَلَا يَغْسِلُ بِظُهُورِ الْأَصَابِعِ (وَلَا بِرُءُوسِهَا) ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْبَاسُورَ.

وَفِي الشُّمُنِّيِّ يُصْعِدُ بَطْنَ الْوُسْطَى فَيَغْسِلُ مُلَاقِيَهَا ثُمَّ الْبِنْصِرَ، وَكَذَلِكَ ثُمَّ الْخِنْصِرَ ثُمَّ السَّبَّابَةَ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الطَّهَارَةُ، وَلَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ إلَّا لِقَطْعِ الْوَسْوَسَةِ فَيُقَدَّرُ بِالثَّلَاثِ، وَقِيلَ بِالسَّبْعِ، وَالْمَرْأَةُ تُصْعِدُ الْبِنْصِرَ وَالْوُسْطَى جَمِيعًا مَعًا ثُمَّ تَفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ عَلَى مَا وَصَفْنَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ بَدَأَتْ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ كَالرَّجُلِ عَسَى يَقَعُ فِي مَوْضِعِهَا فَتَتَلَذَّذُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَهِيَ لَا تَشْعُرُ بِهِ.

(وَيُرْخَى مُبَالَغَةً) أَيْ يُرْخَى كُلَّ الْإِرْخَاءِ حَتَّى يَطْهُرَ مَا يُدَاخِلُ فِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ صَائِمًا يَفْسُدُ فِي رِوَايَةٍ؛ وَلِهَذَا نَهَى عَنْ التَّنَفُّسِ وَالْقِيَامِ بِلَا نَشْفٍ بِخِرْقَةٍ.

(وَيَجِبُ) الْغَسْلُ بِالْمَاءِ، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا فَاعِلَ يَجِبُ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ مَا عَدَا الْمَخْرَجَ لَا يُسَمَّى اسْتِنْجَاءً (إنْ جَاوَزَ النَّجَسُ الْمَخْرَجَ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ) ؛ لِأَنَّ لِلْبَدَنِ حَرَارَةً جَاذِبَةً أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ فَلَا يُزِيلُهَا الْمَسْحُ بِالْحَجَرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ لِلنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ هَا هُنَا كُلُّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ.

(وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَرَاءَ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ: وَيُعْتَبَرُ فِي مَنْعِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مَعَ سُقُوطِ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا يَخِرُّ عَلَى الْمَخْرَجِ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَخْرَجُ كَالْخَارِجِ فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ زَائِدًا عَلَى الدَّرَاهِمِ يُمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ تُجْمَعُ فَإِنْ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يُمْنَعُ.

وَفِي الْقُنْيَةِ إذَا أَصَابَ الْمَخْرَجَ نَجَاسَةٌ مِنْ خَارِجٍ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ.

(وَلَا يَسْتَنْجِي بِعَظْمٍ وَرَوْثٍ وَطَعَامٍ) لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَا يَسْتَنْجِي بِعَلَفِ الْحَيَوَانِ مِثْلِ الْحَشِيشِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا بِخَزَفٍ وَآجُرٍّ وَفَحْمٍ وَزُجَاجٍ وَمُحْتَرَمٍ كَخِرْقَةِ الدِّيبَاجِ وَنَحْوِهَا فَلَوْ اسْتَنْجَى بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَلَا يَكُونُ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ.

(وَبِيَمِينِهِ) أَيْ لَا يَسْتَنْجِي بِالْيَمِينِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْيَمِينُ لِلْوَجْهِ وَالْيَسَارُ لِلْمَقْعَدِ» إلَّا فِي ضَرُورَةٍ بِأَنْ تَكُونَ يُسْرَاهُ مَقْطُوعَةً أَوْ بِهَا جِرَاحَةٌ فَلَوْ شُلَّتَا سَقَطَ الِاسْتِنْجَاءُ.

(وَكُرِهَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا لِبَوْلٍ وَنَحْوِهِ) وَلَكِنْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» وَلِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>