للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ أَطْلَقُوهُ طَوْعًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ دُونَ اسْتِبَاحَةِ الْفَرْجِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا إلَّا إذَا وَجَدَ امْرَأَتَهُ الْمَأْسُورَةَ أَوْ أَمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَةً وَلَمْ يَطَأْهَا أَهْلُ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَهُنَّ يَجِبُ الْعِدَّةُ لِلشُّبْهَةِ بِخِلَافِ أَمَتِهِ الْمَأْسُورَةِ حَيْثُ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ.

(وَإِنْ أَدَانَهُ) أَيْ بَاعَهُ بِالدَّيْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ الدَّيْنِ مَا هُوَ الْأَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَالِابْتِيَاعِ بِهِ أَوْ الْقَرْضِ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (حَرْبِيٌّ أَوْ أَدَانَ) هُوَ (حَرْبِيًّا) أَيْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَجَعَلَهُ الْحَرْبِيُّ مَدْيُونًا بِتَصَرُّفٍ أَوْ جَعَلَ الْحَرْبِيَّ مَدْيُونًا بِتَصَرُّفٍ مَا (أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَخَرَجَا) أَيْ ذَلِكَ التَّاجِرُ وَالْحَرْبِيُّ (إلَيْنَا) وَتَحَاكَمَا عِنْدَ حَاكِمٍ (لَا يَقْضِي) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ (بِشَيْءٍ) أَمَّا الْإِدَانَةُ فَلِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ يَعْتَمِدُ الْوِلَايَةَ وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ أَصْلًا وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَفْعَالِهِ وَإِنَّمَا الْتِزَامُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلَّذِي غَصَبَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَقْضِي بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُسْلِمِ دُونَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَحْكَامَهُ حَيْثُ كَانَ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْمَنِ امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا (وَكَذَا) لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ (لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ حَرْبِيَّانِ) أَيْ لَوْ أَدَانَ أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي دَارِهِمْ (وَخَرَجَا) إلَيْنَا (مُسْتَأْمَنَيْنِ) لِمَا ذَكَرْنَا.

(وَإِنْ خَرَجَا) أَيْ الْحَرْبِيَّانِ إلَيْنَا بَعْدَمَا فَعَلَا ذَلِكَ حَالَ كَوْنِهِمَا (مُسْلِمَيْنِ قَضَى بِالدَّيْنِ) لِوُقُوعِ الْمُدَايَنَةِ بِتَرَاضِيهِمَا وَالْتِزَامِهِمَا الْأَحْكَامَ بِالْإِسْلَامِ (لَا بِالْغَصْبِ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلَا خُبْثَ فِي مِلْكِ الْحَرْبِيِّ لِيُؤْمَرَ بِالرَّدِّ.

(وَلَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بَعْدَمَا غَصَبَهُ) أَيْ غَصَبَ مِنْهُ (الْمُسْلِمُ ثُمَّ خَرَجَا) حَالَ كَوْنِهِمَا مُسْلِمَيْنِ إلَيْنَا (يُفْتِي بِالرَّدِّ دِيَانَةً) وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْغَصْبِ وَسَكَتَ عَنْ الْإِفْتَاءِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ يُفْتِي بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الدَّيْنِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْبَحْرِ خَرَجَ حَرْبِيٌّ مَعَ مُسْلِمٍ إلَى الْعَسْكَرِ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسِيرٌ وَقَالَ كُنْت مُسْتَأْمَنًا فَالْقَوْلُ لِلْحَرْبِيِّ إلَّا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ كَكَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ مَغْلُولًا أَوْ كَانَ مَعَ عَدَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْلِمِ.

(وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الْمُسْلِمَيْنِ الْمُسْتَأْمَنِينَ الْآخَرَ ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ) أَيْ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَالْكَفَّارَةُ أَيْضًا) أَيْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَالدِّيَةِ (فِي الْخَطَأِ) دُونَ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عِنْدَنَا فِي الْعَمْدِ أَمَّا الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ فَلِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الصِّيَانَةِ مَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَالْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ عَلَى اعْتِبَارِ تَرْكِهَا وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي الْعَمْدِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا يَعْقِلُ الْعَمْدَ وَالْقِصَاصُ قَدْ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الدِّيَةِ صِيَانَةً لِلدَّمِ الْمَعْصُومِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ.

(وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ) فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ (فَلَا شَيْءَ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>