للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِدَّةَ الْوَفَاةِ فَلَهَا التَّزَوُّجُ بِزَوْجٍ آخَرَ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَهَكَذَا رُوِيَ قَضَاءُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ وَلَنَا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا الْبَيَانُ» وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هِيَ امْرَأَةٌ اُبْتُلِيَتْ فَلْتَصْبِرْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُ عُمَرَ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ.

(وَلَا يُقْسَمُ مَالُهُ) بَيْنَ وَرَثَتِهِ (وَلَا تُفْسَخُ إجَارَتُهُ) لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ يَصْلُحُ لِإِبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ (مَيِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ دَلِيلٌ ضَعِيفٌ غَيْرُ مُثْبِتٍ (فَلَا يَرِثُ) الْمَفْقُودُ (مِمَّنْ مَاتَ) أَيْ مِنْ أَقَارِبِهِ (حَالَ فَقْدِهِ إنْ حُكِمَ بِمَوْتِهِ) يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ مِمَّنْ مَاتَ حَالَ فَقْدِهِ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ إنْ حُكِمَ بِمَوْتِهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ حَالَ فَقْدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُنَا فِيمَا بَعْدَهُ يُفْهِمُ مِنْ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيُوقَفُ نَصِيبُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا إلَى أَنْ يُحْكَمَ بِمَوْتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ كَمَا قِيلَ تَأَمَّلْ (فَيُوقَفُ نَصِيبُهُ) أَيْ نَصِيبِ الْمَفْقُودِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ فِي يَدِ عَدْلٍ لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ (كُلًّا) لَوْ انْفَرَدَ وَارِثًا (أَوْ بَعْضًا) لَوْ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ ابْنًا مَفْقُودًا فَقَطْ وُقِفَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَإِنْ مَعَهُ بِنْتَيْنِ أُعْطِيَ نِصْفُ التَّرِكَةِ لَهُمَا وَوُقِفَ النِّصْفُ الْآخِرُ (إلَى أَنْ يُحْكَمَ بِمَوْتِهِ فَإِنْ جَاءَ) أَيْ الْمَفْقُودُ وَلَوْ قَالَ فَإِنْ ظَهَرَ حَيًّا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِئْ وَلَكِنْ إنْ ثَبَتَ حَيَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ تَدَبَّرْ (قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ) أَيْ بِمَوْتِهِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ (لَهُ) أَيْ الْمَفْقُودِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِئْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْمَوْتِ حَتَّى حُكِمَ بِهِ (فَلِمَنْ) أَيْ فَالْمَوْقُوفُ لِمَنْ (يَرِثُ ذَلِكَ الْمَالَ لَوْلَاهُ) أَيْ لَوْلَا الْمَفْقُودُ.

وَفِي التَّبْيِينِ فَإِنْ تَبَيَّنَ حَيَاتَهُ فِي وَقْتٍ مَاتَ فِيهِ قَرِيبُهُ كَانَ لَهُ وَإِلَّا يُرَدُّ الْمَوْقُوفُ لِأَجْلِهِ إلَى وَارِثِ مُوَرِّثِهِ الَّذِي وَقَفَ مِنْ مَالِهِ.

(وَإِذَا مَضَى مِنْ عُمُرِهِ) أَيْ الْمَفْقُودِ (مَا) أَيْ مُدَّةً (لَا يَعِيشُ إلَيْهِ أَقْرَانُهُ) وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ فَقِيلَ مِنْ جَمِيعِ الْبِلَادِ وَقِيلَ مِنْ بَلَدِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهَذَا أَرْفَقُ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إنَّهُ أَحْوَطُ وَأَقْيَسُ وَقِيلَ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَإِنَّ الْمَلِكَ الْعَظِيمَ إذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ يُغَلَّبُ عَلَى الظَّنِّ فِي أَدْنَى مُدَّةٍ أَنَّهُ مَاتَ لَا سِيَّمَا إذَا دَخَلَ مَهْلَكَةً.

وَفِي التَّبْيِينِ هُوَ الْمُخْتَارُ (وَقِيلَ تِسْعُونَ سَنَةً) مِنْ وَقْتِ وِلَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْكَنْزِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْحَيَاةَ بَعْدَهَا نَادِرَةٌ فِي زَمَانِنَا وَلَا عِبْرَةَ لِلنَّادِرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>