للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَالَةِ عَدَمِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ إلَّا إذَا اتَّحَدَ الْجِهَتَانِ انْتَهَى هَذَا وَجْهٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا ثُمَّ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الثَّمَنِ قَائِمَةً يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا تَتَعَيَّنُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا فَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ لَيْسَ بِدَافِعٍ تَدَبَّرْ.

(كَمَا طَابَ رِبْحُ مَالٍ ادَّعَاهُ فَقَضَى) أَيْ قَضَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ (ثُمَّ تَصَادَقَا) أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَالِ الْمُدَّعَى (فَرَدَّ) الْمَالَ (بَعْدَمَا رَبِحَ فِيهِ الْمُدَّعِي) لِأَنَّ الْمَالَ الْمُؤَدَّى يَكُونُ بَدَلَ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ الْمَرْءُ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ حُكْمًا فَيَصِيرُ الْمُدَّعِي بَائِعًا دَيْنَهُ بِمَا أَخَذَ فَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ صَارَ الْمُدَّعِي كَأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الدَّيْنَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِلْكًا بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَا فَاسِدٌ فِي حَقِّ الْبَدَلِ وَهُوَ غَيْرُ قَائِمَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ الْخَبَثُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ.

(فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا صَحَّ) بَيْعُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِالْقَبْضِ فَيَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ. قَيَّدَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ بَيْعًا بَاتًّا صَحِيحًا وَلِغَيْرِ بَائِعِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ فَاسِدًا لَا يَمْنَعُ النَّقْضَ كَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ كَانَ نَقْضًا لِلْبَيْعِ هَذَا فِي الْعَقْدِ الَّذِي فَسَادُهُ لَيْسَ بِالْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا بِالْإِكْرَاهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي كُلَّهَا تُنْتَقَضُ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قِيلَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ (فَاسِدًا) أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً، وَقِيلَ يَمْلِكُهَا بَعْدَ قَبْضِهِ كَمُشْتَرٍ (فَاسِدًا) لَهُ الْبَيْعُ (جَائِزًا) وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ نَقْضَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ.

(وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا الْعَبْدَ بَعْدَ قَبْضِهِ صَحَّ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَكَذَا تَوَابِعُ الْإِعْتَاقِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالْكِتَابَةِ إلَّا أَنَّهُ يَعُودُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ (أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ) أَيْ إذَا وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَهُ ارْتَفَعَ الْفَسَادُ وَصَحَّ (وَسَقَطَ) بِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَةِ وَبِالتَّسْلِيمِ (حَقُّ الْفَسْخِ) الَّذِي كَانَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ فَنَفَذَ فِيهِ تَصَرُّفَاتُهُ الْمَذْكُورَةُ، وَيَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَالْفَسْخُ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَمَا اجْتَمَعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقُّ الْعَبْدِ إلَّا وَقَدْ غُلِّبَ حَقُّ الْعَبْدِ لِحَاجَتِهِ وَغَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قِيمَتُهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ وَالرَّهْنُ كَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فَيُثْبِتُ عَجْزَهُ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إلَّا أَنَّهُ يَعُودُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بِفَكِّهِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ سَقَطَ الْفَسْخُ فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ.

(وَلَوْ بَنَى) الْمُشْتَرِي (فِي دَارٍ اشْتَرَاهَا فَاسِدًا أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا) أَيْ قِيمَةُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ عِنْدَ الْإِمَامِ رَوَاهُ يَعْقُوبُ عَنْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>