للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا: نَعَمْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِينَارٌ، فَامْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ: صَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ.» (وَلَا) تَجُوزُ الْكَفَالَةُ (بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ كَفَلَ بِالنَّفْسِ أَوْ الْمَالِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ مَعَ غَيْبَتِهِ) أَيْ غَيْبَةِ الطَّالِبِ (إذَا بَلَغَهُ) خَبَرُ الْكَفَالَةِ (فَأَجَازَ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَبْسُوطِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِجَازَةَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفُ الْتِزَامٍ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمُلْتَزِمُ وَلَهُمَا أَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمُطَالَبَةِ مِنْهُ فَيَقُومُ بِهِمَا جَمِيعًا، وَالْمَوْجُودُ شَطْرُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ عَنْ الطَّالِبِ فُضُولِيٌّ فَإِنَّهُ تَصِحُّ وَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْهَا قَبْلَ إجَازَتِهِ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ وَغَيْرِهِ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَبُولَ الطَّالِبِ بِخُصُوصِهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ، وَأَمَّا أَصْلُ الْقَبُولِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ فَشَرْطُ الصِّحَّةِ، فَعَلَى هَذَا: إنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ " الطَّالِبِ " لَكَانَ أَوْلَى كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ.

وَفِي الدُّرَرِ الْفَتْوَى عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ، لَكِنْ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَفِي تَصْحِيحِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ: وَالْمُخْتَارُ قَوْلُهُمْ عِنْدَ الْمَحْبُوبِيِّ وَالنَّسَفِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَلِهَذَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، تَدَبَّرْ.

قَيَّدَ بِالْإِنْشَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ الْكَفَالَةِ حَالَ غَيْبَةِ الطَّالِبِ تَجُوزُ إجْمَاعًا.

(فَإِنْ قَالَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ: تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ فَكَفَلَ) الْوَارِثُ (مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ جَازَ اتِّفَاقًا) ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّ الطَّالِبَ غَائِبٌ وَلَا يَتِمُّ الضُّمَامُ إلَّا بِقَوْلِهِ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِهَذَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ، وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّمَا تَصِحُّ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الطَّالِبِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ تَفْرِيغًا لِذِمَّتِهِ وَفِيهِ نَفْعُ الطَّالِبِ فَصَارَ كَمَا إذَا حَضَرَ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ التَّحْقِيقُ دُونَ الْمُسَاوَمَةِ ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

(وَلَوْ قَالَهُ) أَيْ الْمَرِيضُ هَذَا الْقَوْلَ (لِأَجْنَبِيٍّ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ) فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ تَنْزِيلًا لِلْمَرِيضِ مَنْزِلَةَ الطَّالِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِلَا الْتِزَامٍ وَكَانَ الْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ سَوَاءً، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَتَمَامِهِ، وَفِي الْبَحْرِ فَلْيُطَالَعْ.

(وَتَجُوزُ) الْكَفَالَةُ (بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا) عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ فِي الْأَعْيَانِ، لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِيبَ قَوْلِهِ: وَلَا تَجُوزُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا (كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ) أَيْ عَلَى طَلَبِهِ بَعْدَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا هَلَكَ عِنْدَهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ إذْ الْقِيمَةُ تَقُومُ مَقَامَهُ فَأَمْكَنَ إيجَابُهُ عَلَى الْكَفِيلِ (وَالْمَغْصُوبِ) لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَيْنًا قَائِمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>