للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسَبَبِهِ ضَمَانٌ يَرْجِعُ بِهِ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَمَلُ.

وَفِي الْبَحْرِ وَالتَّقْيِيدُ بِأَمْرِ الْقَاضِي اتِّفَاقِيٌّ وَلِيُعْلَمَ حُكْمُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِالْأَوْلَى وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ الْحَصِيرِيُّ وَأَمْرُ الْقَاضِي وَعَدَمُ أَمْرِهِ سَوَاءٌ.

وَفِي التَّنْوِيرِ أَخْرَجَ الْقَاضِي الثُّلُثَ لِلْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُعْطِهِمْ إيَّاهُ حَتَّى هَلَكَ كَانَ الْهَلَاكُ مِنْ مَالِ الْفُقَرَاءِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ.

(وَلَوْ قَالَ لَك قَاضٍ عَدْلٌ عَالِمٌ: قَضَيْتُ عَلَى هَذَا بِالرَّجْمِ أَوْ الْقَطْعِ أَوْ الضَّرْبِ فَافْعَلْهُ وَسِعَك فِعْلُهُ) وَلَا يُلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

لِأَنَّ طَاعَةَ أُولِي الْأَمْرِ وَاجِبَةٌ، وَتَصْدِيقُهُ طَاعَةٌ لَهُ، وَقَوْلُ مِثْلِ هَذَا الْقَاضِي حُجَّةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ آخِرًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ حَتَّى يُعَايِنَ الْحُجَّةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ، وَالتَّدَارُكُ لَا يُمْكِنُ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِهِ.

وَفِي عُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَبِهِ يُفْتَى لِفَسَادِ أَكْثَرِ قُضَاةِ زَمَانِنَا، وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ، فَلْيُرَاجَعْ.

(وَكَذَا) وَسِعَك فِعْلُهُ (فِي) الْقَاضِي (الْعَدْلِ غَيْرِ الْعَالِمِ إنْ اُسْتُفْسِرَ فَأَحْسَنَ تَفْسِيرَهُ) أَيْ لَوْ قَالَ قَاضٍ جَاهِلٌ عَادِلٌ يَلْزَمُ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِهِ فَإِنْ أَحْسَنَ تَفْسِيرَ قَضَائِهِ عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: اسْتَقْصَيْتُ الْمُقَرَّ بِهِ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَحَكَمْتُ عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ يَسَعُ لَك فِعْلُ مَا أَمَرَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ تَفْسِيرَهُ (فَلَا) يَسَعُ لَك فِعْلُ مَا أَمَرَ بِهِ لِخَطَئِهِ بِسَبَبِ الْجَهْلِ (وَلَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ غَيْرِ الْعَدْلِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا لِتُهْمَةِ الْخِيَانَةِ بِفِسْقِهِ (مَا لَمْ يُعَايِنْ سَبَبَ الْحُكْمِ) أَيْ يُعَايِنْ سَبَبًا شَرْعِيًّا لِلْحُكْمِ فَحِينَئِذٍ يَعْمَلُ بِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.

(وَلَوْ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِشَخْصٍ: أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتُهَا إلَى فُلَانٍ قَضَيْتُ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْأَلْفِ (عَلَيْك أَوْ قَالَ: قَضَيْتُ بِقَطْعِ يَدِك فِي حَقٍّ فَقَالَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ (بَلْ أَخَذْتَهَا) أَيْ تِلْكَ الْأَلْفَ (أَوْ قَطَعْتَ) يَدِي (ظُلْمًا) مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذْتَ وَقَطَعْتَ عَلَى التَّنَازُعِ (وَاعْتَرَفَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ (بِكَوْنِ ذَلِكَ) أَيْ الْأَخْذِ أَوْ الْقَطْعِ (حَالَ وِلَايَتِهِ) أَيْ وِلَايَةِ الْقَاضِي (صُدِّقَ الْقَاضِي وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِكَوْنِ الْأَخْذِ فِي حَالِ قَضَائِهِ، فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ، هُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَظْلِمُ فِي قَضَائِهِ لِكَوْنِهِ أَمِينًا فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ الْيَمِينُ يَصِيرُ خَصْمًا، وَقَضَاءُ الْخَصْمِ لَا يَنْفُذُ فَتُعَطَّلُ أُمُورُ النَّاسِ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَقُبِلَ وُجُوبًا قَوْلُ قَاضٍ عُزِلَ قَضَيْتُ أَنَا بِهَذَا الْعَقَارِ لِزَيْدٍ مَثَلًا لِفَقْدِ التُّهْمَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ، وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ قَضَيْت أَنَا بِهَذَا الْعَقَارِ لِزَيْدٍ أَنَّ الْمَقْضِيَّ أَوْ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَعْلُومَانِ، وَإِلَّا لَا يُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي زَمَانِنَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَعَلَى هَذَا لَمْ يُقْبَلْ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي شَيْءٍ مَا كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ.

(وَلَوْ قَالَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْقَاضِي (فَعَلْتُهُ قَبْلَ وِلَايَتِك أَوْ بَعْدَ عَزْلِك، وَادَّعَى الْقَاضِي فِعْلَهُ فِي) زَمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>