للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَأَنَّ الْأَصْلَ حَضَرَ وَشَهِدَ عِنْدَ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ (لَا) يَضْمَنُ (عِنْدَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَقَعْ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ بَلْ بِشَهَادَةِ الْفَرْعِ وَقَوْلُهُ غَلِطْت اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ قَالَ رَجَعْت عَنْهَا فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا عِنْدَهُمَا (وَإِنْ رَجَعَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ) جَمِيعًا بَعْدَ الْحُكْمِ (ضَمِنَ الْفَرْعُ فَقَطْ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يَحْصُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَالْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الْفَرْعِ فَيُضَافُ التَّلَفُ إلَيْهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَيْ الْفَرِيقَيْنِ) مِنْ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (شَاءَ) أَيْ إنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفَرْعِ مِنْ وَجْهٍ وَشَهَادَةِ الْأَصْلِ مِنْ وَجْهٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَالْجِهَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمْ فِي التَّضْمِينِ (وَقَوْلُ الْفَرْعِ: كَذَبَ) فِعْلٌ مَاضٍ (أَصْلِيٌّ، أَوْ غَلِطَ لَيْسَ بِشَيْءٍ) يَعْنِي بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ مَا أَمْضَى مِنْ الْقَضَاءِ لَا يُنْقَضُ بِقَوْلِهِمْ وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ إنَّمَا شَهِدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالرُّجُوعِ.

(وَإِنْ رَجَعَ الْمُزَكِّي عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنَ) أَيْ ضَمِنَ الْمُزَكِّي بِالرُّجُوعِ عَنْ تَزْكِيَةِ الشَّاهِدِ بَعْدَ أَنْ زَكَّاهُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالتَّزْكِيَةِ يَكُونُ عِلَّةَ الْعِلَّةِ مَعْنًى فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّ عِنْدَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ فَصَارُوا كَشُهُودِ الْإِحْصَانِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا، أَوْ عَلِمْنَا أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ وَمَعَ ذَلِكَ زَكَّيْنَاهُمْ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُزَكِّي أَخْطَأْت فِيهَا فَلَا ضَمَانَ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قُيِّدَ مَعَ عِلْمِهِ بِكَوْنِهِمْ عَبِيدًا لَكَانَ أَوْلَى وَقِيلَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ الْمُزَكُّونَ بِالْحُرِّيَّةِ بِأَنْ قَالُوا إنَّهُمْ أَحْرَارٌ أَمَّا إذَا قَالُوا هُمْ عُدُولٌ فَكَانُوا عَبِيدًا لَا يَضْمَنُونَ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا (وَلَا يَضْمَنُ شَاهِدُ الْإِحْصَانِ بِرُجُوعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطُ مُحْصَنٍ فَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ.

(وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الْيَمِينِ وَشَاهِدُ الشَّرْطِ ضَمِنَ شَاهِدُ الْيَمِينِ خَاصَّةً) يَعْنِي إذَا شَهِدَا أَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِشَرْطٍ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ وُجِدَ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ جَمِيعُهُمْ يَضْمَنُ شُهُودُ الْيَمِينِ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الْعِلَّةَ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَلَا يَضْمَنُ شُهُودُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ كَانَ مَانِعًا وَهُمْ أَثْبَتُوا زَوَالَ الْمَانِعِ وَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ لَا إلَى زَوَالِ الْمَانِعِ.

(وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الشَّرْطِ وَحْدَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يَضْمَنُ شَاهِدُ الشَّرْطِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَإِلَى الْأَوَّلِ مَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ (وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا) بِأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا، أَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ رَجُلٍ، أَوْ مَوْتِهِ فَجَاءَ حَيًّا، أَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَضَى ثَلَاثُونَ يَوْمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>