للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ غُفِرَ لَهُ، وَمَنْ آذَى جَارَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ حَرَمَهُ اللَّهُ رِيحَ الْجَنَّةِ وَمَأْوَاهُ النَّارُ أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ يَسْأَلُ الرَّجُلَ عَنْ جَارِهِ كَمَا يُسْأَلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَمَنْ ضَيَّعَ حَقَّ جَارِهِ فَلَيْسَ مِنَّا» (شَيْخٌ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَنْ آذَى جَارَهُ فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ تَعَالَى» اسْتَوْجَبَ عُقُوبَةَ اللَّهِ أَوْ لَا يَرْضَى عَنْهُ اللَّهُ أَوْ يَغْضَبُ عَلَيْهِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْأَذَى لَا تُتَصَوَّرُ فِي شَأْنِهِ تَعَالَى عُلُوًّا كَبِيرًا (طب ز عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «مَا آمَنَ بِي» إيمَانًا كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى قَسْوَةِ الْقَلْبِ وَالشُّحِّ وَسُقُوطِ الْمُرُوءَةِ وَعَظِيمِ اللُّؤْمِ وَخُبْثِ الطَّوِيَّةِ كَمَا قَالَ

وَكُلُّكُمُو قَدْ نَالَ شِبَعًا لِبَطْنِهِ ... وَشِبَعُ الْفَتَى إنْ جَاعَ صَاحِبُهُ لُؤْمٌ

«مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ، وَجَارُهُ جَائِعٌ إلَى جَنْبِهِ وَ» الْحَالُ «هُوَ يَعْلَمُ» أَنَّهُ جَائِعٌ (خَرَائِطِيٌّ) أَيْ خَرَّجَ الْخَرَائِطِيُّ (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْجَارِ؟» فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا قَالَ «إذَا اسْتَعَانَك أَعَنْته، وَإِذَا اسْتَقْرَضَك» طَلَبَ مِنْك قَرْضَ شَيْءٍ «أَقْرَضْته، وَإِذَا افْتَقَرَ عُدْت» مِنْ الْمُعَاوَدَةِ بِمَعْنَى الْجُودِ «عَلَيْهِ بِالصَّدَقَةِ» وَالْإِحْسَانِ «وَإِذَا مَرِضَ عُدْته» مِنْ الْعِيَادَةِ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ أَوْ نَدْبٍ «، وَإِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ هَنَّأْته» مِنْ التَّهْنِئَةِ هِيَ مَا يَكُونُ عِنْدَ السُّرُورِ «وَإِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ عَزَّيْته» حَمَلْته عَلَى الصَّبْرِ وَدَعَوْت لَهُ بِالْخَيْرِ «وَإِذَا مَاتَ اتَّبَعْت جِنَازَتَهُ» تَشْيِيعًا لَهَا «وَلَا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ فَتَحْجُبَ عَنْهُ الرِّيحَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تُؤْذِهِ بِقُتَارِ» كَهُمَامِ رِيحُ الْبَخُورِ أَوْ الْقِدْرِ أَوْ الْعَظْمِ الْمُحْرَقِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَامُوسِ «رِيحِ قِدْرِك» فَيَتَأَذَّى بِشَمِّ ذَلِكَ «إلَّا أَنْ تُفَرِّقَ لَهُ» إلَّا أَنْ تُهْدِيَ لِلْجَارِ «مِنْهَا» مِنْ الْقِدْرِ «وَإِنْ اشْتَرَيْت فَاكِهَةً فَأَهْدِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ» الْهَدِيَّةَ «فَأَدْخِلْهَا سِرًّا» لِئَلَّا يَتَشَوَّقَ وَيَتَأَذَّى «وَلَا تُخْرِجْ بِهَا وَلَدَك لِيَغِيظَ بِهَا وَلَدَهُ» لِفَقْدِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ ثَلَاثَةُ أَخْلَاقٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُسْلِمُونَ أَوْلَى بِهَا أَوَّلُهَا أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ بِهِمْ ضَيْفٌ اجْتَهَدُوا فِي بِرِّهِ وَالثَّانِي لَوْ كَانَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ حَاجَةٌ لَأَخَذُوا فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَالثَّالِثُ إذَا لَحِقَ بِجَارِهِمْ دَيْنٌ أَوْ أَصَابَهُ جَهْدٌ اجْتَهَدُوا حَتَّى يَقْضُوا دَيْنَهُ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ تِلْكَ الشِّدَّةِ كَمَا عَنْ الْقُنْيَةِ، وَفِي الشِّرْعَةِ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ طَلَبُ الْجَارِ الصَّالِحِ، وَفِي الْحَدِيثِ «الْتَمِسُوا الْجَارَ قَبْلَ شِرَاءِ الدَّارِ وَالرَّفِيقَ قَبْلَ الطَّرِيقِ» .

وَإِكْرَامُ الْجَارِ مِنْ سُنَّةِ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْحَدِيثِ حُرْمَةُ الْجَارِ كَحُرْمَةِ الْأُمِّ، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَوْجَبَ حَقَّ الْجَارِ إلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَيُوَاسِيهِ بِمَا أَمْكَنَ وَلَا يَبِيتُ شَبْعَانُ وَجَارُهُ جَائِعٌ وَيُشْرِكُهُ فِي فَضْلِ رِزْقِهِ وَلَا يَمْنَعُ مَصَالِحَ الْبَيْتِ كَالْمَاءِ وَالْمِلْحِ وَالنَّارِ وَالْخَمِيرَةِ وَيَغْتَنِمُ مُجَاوَرَةَ الْمُسْلِمِ الصَّالِحِ فَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ لَيَدْفَعُ بِالْمُسْلِمِ الصَّالِحِ عَنْ مِائَةِ أَلْفِ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْبَلَاءَ وَيَتَحَمَّلُ مِنْ الْجَارِ مَا لَا يَتَحَمَّلُ مِنْ غَيْرِهِ» انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّ جُمْلَةَ حَقِّ الْجَارِ أَنْ يَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ وَلَا يُطِيلُ مَعَهُ الْكَلَامَ وَلَا يُكْثِرُ السُّؤَالَ عَنْ حَالِهِ وَيَصْفَحُ عَنْ زَلَّاتِهِ وَلَا يَطَّلِعُ مِنْ السَّطْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>