للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ وَهَذِهِ) أَيْ كَيْنُونَةُ الْمَسْخَرِيَّةِ (إحْدَى آفَاتِ اتِّبَاعِ الْوَسْوَسَةِ وَثَانِيهَا تَرْكُ الْأَمْرِ) أَيْ أَمْرِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: ٦] وَالْمُتَابَعَةُ لِلْوَسْوَسَةِ اتِّخَاذُ الشَّيْطَانِ صَدِيقًا (بَلْ) اتِّخَاذُهُ (أَخًا) وَقَدْ أُمِرْنَا بِاتِّخَاذِهِ عَدُوًّا بِعَدَمِ تَبَعِيَّةِ وَسَاوِسِهِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي جَمِيعِ شُئُونِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: ٦] (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: ٢٧] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ» وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَالِاتِّبَاعُ مَعْصِيَةٌ) فِيهِ كَلَامٌ يُعْرَفُ مِنْ الْأُصُولِ وَثَالِثُهَا: إسْرَافُ الْمَاءِ وَهُوَ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: ٣١] وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ (وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ الْإِسْرَافِ فِي الْوُضُوءِ وَلَوْ عَلَى شَطِّ) أَيْ جَانِبِ (نَهْرٍ جَارٍ) بِالْحَدِيثِ (وَرَابِعُهَا إفْضَاؤُهُ إلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَى الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ) الظَّاهِرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ إلَى الْجَمِيعِ لَيْسَ بِمَعْلُومٍ (أَوْ) إلَى (تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ تَرْكِ الصَّلَاةِ) لَا يَزَالُ يَدُورُ فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ بِالْوَسَاوِسِ وَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالْجَمَاعَةِ فَيَصِيرُ كَحِمَارِ الرَّحَى (أَوْ تَرْكِ التَّعْلِيمِ أَوْ الذِّكْرِ) قَلْبًا أَوْ لِسَانًا (أَوْ الْفِكْرِ) فِي آلَاءِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ كَمَا سَبَقَ (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْفَضَائِلِ) جَمْعُ فَضِيلَةٍ قَائِمَةٍ بِالْفَاعِلِ غَيْرِ سَارِيَةٍ إلَى الْغَيْرِ (وَالْفَوَاضِلِ) سَارِيَةٍ إلَى الْغَيْرِ فَالْأَوَّلُ كَالنَّوَافِلِ وَالثَّانِي كَالْعِلْمِ وَدَرْسِهِ وَتَعْلِيمِهِ (وَتَضْيِيعِ الْعُمُرِ وَالْأَوْقَاتِ) وَقَدْ أُعْطِيَ ذَلِكَ لِلْعِبَادَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ مَا خُلِقَ لَهُ نَوْعُ الْإِنْسَانِ فَالسَّعَادَةُ كُلُّ السَّعَادَةِ لِمَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَالْخَسَارَةُ كُلُّ الْخَسَارَةِ لِمَنْ ضَاعَ عُمُرُهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ كَصَرْفِهِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ؛ إذْ مِنْ عَلَامَةِ إعْرَاضِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ عَبْدِهِ اشْتِغَالُهُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ

(وَخَامِسُهَا تَأْدِيَتُهَا) إلَى أُمُورٍ مُحْدَثَةٍ مَكْرُوهَةٍ (كَاتِّخَاذِ إنَاءٍ لِلْوُضُوءِ) (وَ) اتِّخَاذُ (اللِّبَاسِ) لِلْخَلَاءِ كَمَا سَبَقَ (وَالسَّجَّادِ وَعَدَمِ التَّوَضُّؤِ مِنْ إنَاءِ غَيْرِهِ وَعَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى بِسَاطِهِ وَلِبَاسِهِ وَسُؤَالِهِ عَنْ طَهَارَتِهِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ طَعَامٍ بِتَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ) قَيْدٌ لِلْعَدَمِ وَالسُّؤَالِ وَالِاحْتِرَازِ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) مِمَّا لَا يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ (وَفِيهَا) فِي هَذِهِ الْمُحْدَثَاتِ (أَذَى النَّاسِ) وَهُوَ لَيْسَ بِجَائِزٍ بَلْ حَرَامٌ

(وَسَادِسُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ) وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الظَّنِّ إثْمًا (بِعَدَمِ التَّوَقِّي مِنْهُمْ عَنْ النَّجَاسَاتِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بَلْ بِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ فِي اعْتِقَادِهِ لَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ

(وَسَابِعُهَا التَّكَبُّرُ عَلَى النَّاسِ) لِمَا يَرَى مِنْ نَزَاهَةِ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ (وَالْإِعْجَابُ بِنَفْسِهِ حَيْثُ انْفَرَدَ مِنْ بَيْنَ النَّاسِ بِالِاحْتِيَاطِ الْبَالِغِ فِي الدِّينِ وَالنَّظَافَةِ وَالطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الدِّينِ) وَمَرْضَاةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَذَلِكَ لِإِكْحَالِ الشَّيْطَانِ عَيْنَ بَصِيرَتِهِ فَرَأَتْ النُّورَ ظُلْمَةً وَالظُّلْمَةَ نُورًا

<<  <  ج: ص:  >  >>