للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ حَاشِيَةٌ هُنَا كَمَا أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ الطَّرِيقَةَ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ الطَّرِيقَةَ وَأَهْلَهَا حَتَّى يَرَى مِنْهُمْ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ انْتَهَى لَا يَخْفَى مَا فِي مُلَازَمَةِ إنْكَارِ الطَّرِيقِ بَلْ اللَّازِمُ إنْكَارُ الِاجْتِهَادِ فِي الْفَضَائِلِ فَقَطْ وَوَجْهُ خَوْفِ الْكُفْرَانِ عَلَى إنْكَارِ أَصْلِهَا وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهُ الْخَوْفِ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا ثَبَتَ تَوَاتُرٌ وَلَا مَعْنًى أَوْ مَشْهُورًا فَيَخَافُ عَلَيْهِ مَا يَخَافُ فَتَأَمَّلْ.

وَقِيلَ فِي الْوَجْهِ يَعْنِي أَنَّ تَرْكَهَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْفَافِ بِهَا أَوْ بِأَهْلِهَا بِسَبَبِهَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الِاسْتِهْزَاءُ بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ.

وَعَنْ التَّتِمَّةِ مَنْ أَهَانَ الشَّرِيعَةَ أَوْ الْمَسَائِلَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا كَفَرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ أَوَّلُ حَالِ الشَّيْخِ هُوَ التَّشْدِيدَ فِي الطَّاعَاتِ وَكَانَ الْمُقْتَدِي بِهِ صِدِّيقًا يَلْزَمُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تِلْكَ إتْيَانُ تِلْكَ الْأَفْعَالِ الشَّاقَّةِ وَالْكَلَامُ عَلَى مَنْعِهِ فَيَلْزَمُ إثْبَاتُ مَا نُفِيَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ مَا أُثْبِتَ هُنَا لَيْسَ بِبَالِغٍ إلَى مَرْتَبَةِ مَا نُفِيَ بَعِيدٌ يَظْهَرُ بِمُلَاحَظَةِ سَوْقِ الْكَلَامِ.

(وَلَوْ تَأَمَّلْت فِيمَا كَتَبْنَا سَابِقًا) مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ وَأَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاقْتِصَادِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ وَقَالَ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا (وَمَا نُقِلَ عَنْهُمْ) عَنْ السَّلَفِ فِي حَقِّ التَّشْدِيدَاتِ (حَقَّ التَّأَمُّلِ) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لَتَأَمَّلْت أَيْ التَّأَمُّلَ الصَّادِقَ (وَجَدْت فِي أَكْثَرِهَا) أَيْ أَكْثَرِ الْمَكْتُوبَةِ عَنْهُمْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَكْثَرُهُمَا أَيْ أَكْثَرُ الْمَكْتُوبِ وَالْمَنْقُولِ (إشَارَةً إلَى هَذَا) أَيْ الْجَوَابِ الثَّالِثِ أَمَّا الْإِشَارَةُ إلَى الْجَوَابِ اللَّمِّيِّ فَكَأَكْثَرِ الْآيَاتِ إذْ عَدَمُ إرَادَةِ الْعُسْرِ مِنْ اللَّهِ وَإِرَادَةُ الْيُسْرِ وَعَدَمُ الْحَرَجِ يَقْرُبُ؛ لَأَنْ يَكُونَ عَنْ هِلَالِ النَّفْسِ وَإِضَاعَةِ الْحَقِّ وَتَرْكِ الْعِبَادَةِ، وَأَمَّا إلَى الْأَنِيِّ فَكَأَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ؛ لِأَنَّهَا مُنْبِئَةٌ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ تَصَوَّرَ أَوْلَى وَأَنْفَعَ مِنْهُ لَفَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ جَعَلَ الْإِشَارَةَ إلَى مُجَاهَدَتِهِمْ فِي بِدَايَتِهِمْ لِلتَّمَكُّنِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ ذَهِلَ عَمَّا قَصَدَ فِي الْمَقَامِ مَعَ أَنَّ التَّفْرِيعَ الْآتِيَ بِقَوْلِهِ (فَيَخْلُو مَا نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ) لَيْسَ بِحَسَنٍ جَيِّدٍ (مِنْ التَّشْدِيدِ عَنْ الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمْ فِي هَذَا التَّشْدِيدِ لَا يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَلَا يُضَيِّعُونَ حَقًّا لِأَحَدٍ وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَهُ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْأَخِيرِ.

(وَهَذَا) أَيْ الْجَوَابُ الثَّالِثُ إذًا لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَا يَسْتَقِيمَانِ عَلَى هَذَا وَلِذَا أُشِيرَ هُنَالِكَ إلَى التَّسْلِيمِ فِيهَا (وَهُوَ الْمَحْمَلُ الصَّحِيحُ وَالْحَقُّ الصَّرِيحُ) لَعَلَّ الْمَحْمَلَ الْأَلْيَقَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ سَابِقًا مِنْ أَنَّ تِلْكَ النُّصُوصَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَوَامّ وَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ حَالَ الْخَوَاصِّ وَمِثْلُهُ لَيْسَ بِعَزِيزٍ فِي الشَّرْعِ كَمَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ وَلَدُهَا فِي تَرْبِيَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيِّ فَيَوْمًا جَاءَتْ لِرُؤْيَةِ وَلَدِهَا، فَإِذَا هُوَ عَلَى حَصِيرٍ يَأْكُلُ رَغِيفَ شَعِيرٍ بِجَرِيشِ الْمِلْحِ ثُمَّ زَارَتْ الشَّيْخَ فَرَأَتْهُ عَلَى فُرُشٍ نَفِيسَةِ يَأْكُلُ خُبْزًا لَطِيفًا وَدَجَاجًا فَصَاحَتْ ابْنِي يَأْكُلُ الشَّعِيرَ وَهُوَ عَلَى الْحَصِيرِ وَأَنْتَ تَأْكُلُ الدَّجَاجَ فَنَظَرَ الشَّيْخُ إلَى ذَلِكَ الدَّجَاجِ وَقَالَ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَادَ حَيًّا فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ إذَا صَارَ ابْنُك لِهَذَا الْمَقَامِ فَلْيَأْكُلْ مَا أَرَادَ مِنْ الطَّعَامِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ أَحْوَالَهُمْ مِنْ بَابِ خَرْقِ الْعَادَةِ لَا مِنْ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ لِالْتِحَاقِهِمْ بِالْمَكُوتِيَّةِ يَسْتَغْنُونَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُوتِيَّةُ لِتَغَذِّيهِمْ بِالذِّكْرِ وَالْفِكْرِ وباستغراقاتهم فِي لَذَّةِ وِصَالِ رَبِّهِمْ وَبِخَوْفِهِمْ مِنْ عَظَمَةِ رَبِّهِمْ يَذْهَبُ عَنْهُمْ الْجُوعُ كَمَا أَنَّ شَخْصًا يَطْرُقُهُ فَرَحٌ فَيَذْهَبُ عَنْهُ الْجُوعُ إذَا كَانَ حَالُهُمْ عَلَى مَا عَرَفْت سِيَّمَا قَضِيَّةِ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ مِنْهُمْ.

(فَلَا تُفْرِطْ) مِنْ الْإِفْرَاطِ كَمَا فِي حَالِ بِدَايَتِهِمْ، فَإِنَّ مَا يُرَى مِنْ الْإِفْرَاطِ الظَّاهِرِيِّ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّ لَهُ مَحْمَلًا صَحِيحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>