للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا «أَكْرَمُ النَّاسِ أَتْقَاهُمْ» .

وَفِي الْمُحَاضَرَاتِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لِمُعَاذٍ أُوصِيَك بِتَقْوَى اللَّهِ وَصِدْقِ الْحَدِيثِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ وَحِفْظِ الْجِوَارِ وَرَحِمِ الْيَتِيمِ وَلِينِ الْكَلَامِ وَبَذْلِ السَّلَامِ وَحُسْنِ الْعَمَلِ وَقَصْرِ الْأَمَلِ وَلُزُومِ الْإِيمَانِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الْقُرْآنِ» .

وَفِي رِسَالَةِ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ «قِيلَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ قَالَ كُلُّ تَقِيٍّ نَقِيٍّ آلُ التَّقْوَى جِمَاعُ الْخَيْرَاتِ» .

وَفِي الْمِنْهَاجِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ «مَا أُعْجِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا وَلَا أَعْجَبَهُ أَحَدٌ إلَّا ذُو تُقًى» (الْآثَارُ) عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خَطَبَ النَّاس فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ وُلِّيت أَمْرَكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ، وَلَكِنْ قَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّنَنَ فَعَلَّمَنَا اعْلَمُوا أَنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التَّقْوَى، وَأَنَّ أَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ.

وَمِنْ خُطْبَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيُّهَا النَّاسُ اعْتَصِمُوا بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّ لَهَا حَبْلًا وَثِيقًا عُرْوَتُهُ وَمَعْقِلًا مَنِيعًا ذُرْوَتُهُ وَبَادِرُوا الْمَوْتَ وَغَمَرَاتِهِ وَأَمْهِدُوا لَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ، وَأَعِدُّوا لَهُ قَبْلَ نُزُولِهِ.

وَمِنْهَا أَيْضًا: أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ فَإِنَّهُمْ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ وَالزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَانًا وَيَفْتِنُونَ افْتِنَانَا.

وَحِينَ ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجِمٍ قَالَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ لَا تَبْغِيَا الدُّنْيَا، وَإِنْ بَغَتْكُمَا وَلَا تَأْسَفَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا زَوَى عَنْكُمَا وَقُولَا بِالْحَقِّ وَاعْمَلَا لِلْآخِرَةِ وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصِيمًا وَلِلْمَظْلُومِ عَوْنًا أُوصِيكُمَا وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي، وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ.

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: لَا مُعِينَ إلَّا اللَّهُ وَلَا دَلِيلَ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ وَلَا زَادَ إلَّا التَّقْوَى وَلَا عَمَلَ إلَّا الصَّبْرُ وَعَنْ الْكِتَّانِيِّ قُسِّمَتْ الدُّنْيَا عَلَى الْبَلْوَى وَقُسِّمَتْ الْجَنَّةُ عَلَى التَّقْوَى

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ سَمِعْت الْحَرِيرِيَّ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّقْوَى وَالْمُرَاقَبَةِ لَمْ يَصِلْ إلَى الْكَشْفِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَعَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرَّيْحَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ التَّقْوَى كَلَّتْ الْأَنْفُسُ عَنْ وَصْفِ رِبْحِهِ وَالْمُتَّقِي مِثْلُ أَبِي زَيْدٍ الْبِسْطَامِيِّ - قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ - الْعَزِيزُ اشْتَرَى مِنْ هَمَذَانَ حَبَّ الْقُرْطُمِ فَلَمَّا رَجَعَ إلَى بِسْطَامٍ رَأَى فِيهِ نَمْلَتَيْنِ فَرَجَعَ إلَى هَمَذَانَ وَوَضَعَ النَّمْلَتَيْنِ وَأَيْضًا أَنَّهُ غَسَلَ ثَوْبَهُ فَقَالَ صَاحِبُهُ نُعَلِّقُ الثَّوْبَ فِي جُدَرَانِ الْكُرُومِ فَقَالَ لَا تَضْرِبْ الْوَتَدَ فِي جِدَارِ النَّاسِ فَقَالَ نُعَلِّقُهُ فِي الشَّجَرِ فَقَالَ لَا؛ لِأَنَّهُ يَكْسِرُ الْأَغْصَانَ فَقَالَ نَبْسُطُهُ عَلَى الْأَرْضِ فَقَالَ لَا؛ لِأَنَّهُ عَلَفٌ لِلدَّوَابِّ فَوَلَّى ظَهْرَهُ إلَى الشَّمْسِ وَالْقَمِيصُ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى جَفَّ.

وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ غَرَزَ عَصَاهُ فِي الْأَرْضِ فَسَقَطَتْ وَوَقَعَتْ عَلَى عَصَا شَيْخٍ بِجَنْبِهِ رَكَّزَ عَصَاهُ فِي الْأَرْضِ فَانْحَنَى الشَّيْخُ وَأَخَذَ عَصَاهُ فَمَضَى أَبُو زَيْدٍ إلَى بَيْتِ الشَّيْخِ وَاسْتَحَلَّهُ وَرُئِيَ عُتْبَةُ الْغُلَامَ يَتَصَبَّبُ عَرَقًا فِي الشِّتَاءِ فَقَالَ؛ لِأَنَّهُ مَكَانٌ عَصَيْت رَبِّي فِيهِ لِأَنِّي كَشَطْت مِنْ هَذَا الْجِدَارِ قِطْعَةَ طِينٍ فَغَسَلَ ضَيْفٌ لِي يَدَهُ بِهَا وَلَمْ أَسْتَحِلَّ صَاحِبَهُ مِنْ رِسَالَةِ الْقُشَيْرِيِّ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: فِي مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ التَّقْوَى كَنْزٌ عَزِيزٌ وَجَوْهَرٌ نَفِيسٌ وَخَيْرٌ كَثِيرٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَفَوْزٌ كَبِيرٌ وَغُنْمٌ جَسِيمٌ وَمِلْكٌ عَظِيمٌ فَجَمِيعُ خَيْرَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَحْتَ هَذِهِ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ أَيْ التَّقْوَى وَتَأَمَّلْ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِهَا مِنْ تَعْلِيقِ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ وَعَدَّ مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ

أَوَّلُهَا الْمِدْحَةُ وَالثَّنَاءُ {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [آل عمران: ١٨٦] .

ثَانِيهَا: الْحِفْظُ وَالْحِرَاسَةُ مِنْ الْأَعْدَاءِ {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: ١٢٠]

ثَالِثُهَا: التَّأْيِيدُ وَالنُّصْرَةُ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا - أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٢٨ - ١٩٤] .

رَابِعُهَا: النَّجَاةُ مِنْ الشَّدَائِدِ وَالرِّزْقُ مِنْ الْحَلَالِ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٣] .

خَامِسُهَا: إصْلَاحُ الْعَمَلِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [الأحزاب: ٧١] .

سَادِسُهَا: غُفْرَانُ الذُّنُوبِ {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الصف: ١٢] .

سَابِعُهَا: مَحَبَّةُ اللَّهِ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٤] .

ثَامِنُهَا: الْقَبُولُ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧] .

تَاسِعُهَا: الْإِكْرَامُ وَالْإِعْزَازُ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] .

عَاشِرُهَا: الْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٣] {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [يونس: ٦٤] .

الْحَادِيَ عَشَرَ: النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم: ٧٢] {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} [الليل: ١٧] .

الثَّانِيَ عَشَرَ: الْخُلُودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>