للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ وَتَرْكُ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ بِلَا عُذْرٍ عَمْدًا دَاخِلٌ فِي الْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا (فِي تَحَقُّقِ التَّقْوَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَا عَدَا مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ فِي التَّقْوَى وَقَدْ قُرِّرَ آنِفًا اجْتِنَابُ نَحْوِ الشُّبُهَاتِ وَمَا لَا يَكُونُ حَرَامًا لَكِنَّهُ لَهُ إفْضَاءٌ إلَيْهِ وَأَنْتَ عَرَفْت أَيْضًا مِنْ نَحْوِ فُضُولِ الْحَلَالِ وَاشْتِغَالِ الْمُبَاحَاتِ مِمَّا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ فِي التَّقْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ إرَادَةِ الْعُمُومِ فِي الْحَرَامِ إلَى مَا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْإِفْضَاءِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَكَذَا الْكَرَاهَةُ (هَذَا) الْمَذْكُورُ مِنْ نَحْوِ لُزُومِ اجْتِنَابِ الصَّغَائِرِ وَالشُّبُهَاتِ وَمَا يُفْضِي إلَى الْمُحَرَّمِ وَنَحْوِهَا (مَا عِنْدِي) فَإِنْ قِيلَ حَاصِلُ مَا ذُكِرَ اسْتِخْرَاجُ مِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَهُوَ مَنْصِبُ الْمُجْتَهِدِ وَقَدْ انْقَرَضَ قِيلَ عَنْ الْقَوْلِ الْبَلِيغِ لِلْحَمَوِيِّ عَنْ بَعْضِ رَسَائِلِ ابْنِ نُجَيْمٍ أَنَّ الْقِيَاسَ بَعْدَ الْأَرْبَعمِائَةِ مُنْقَطِعٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهَا أَنْ يَقِيسَ مَسْأَلَةً بِمَسْأَلَةٍ قُلْت قَدْ يَفْهَمُ غَيْرُ الْفَقِيهِ مَعَانِيَ بَعْضِ النُّصُوصِ لِكَوْنِهِ مُفَسِّرًا أَوْ صَرِيحًا أَوْ نَحْوَهُمَا وَيَجُوزُ فَهْمُ ذَلِكَ بِبَعْضِ قَوَاعِدِ الْمُجْتَهِدِ أَوْ بِدُخُولِهِ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ مِنْ الْمُجْتَهِدِ (وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) .

قَالَ الْمَوْلَى: حَسَنٌ حَلَبِيٌّ فِي بَعْضِ حَوَاشِيهِ إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ مَتَانَةِ الْقَوْلِ السَّابِقِ وَوَثَاقَتِهِ وَقَدْ قِيلَ هُنَا وَلَا كَلَامَ فِي قُوَّتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ وَالتَّبَاعُدِ عَنْ مُدَاخَلَةِ الْآثَامِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الْهَلَاكِ أَقُولُ الْقُوَّةُ إنَّمَا تَتَحَصَّلُ فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُكْمِ مِنْ دَلِيلِهِ لَا غَيْرَ.

[النَّوْعُ الثَّالِثُ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا التَّقْوَى]

(النَّوْعُ الثَّالِثُ)

(فِي مَجَارِيهَا) أَيْ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا التَّقْوَى (اعْلَمْ أَنَّ التَّقْوَى) الظَّاهِرُ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الَّذِي يُصَارُ إلَيْهِ فِي مُخَاطَبَاتِ الشَّرْعِ (لَا تَحْصُلُ إلَّا بِاجْتِنَابِ الْمُنْكَرَاتِ) جَمِيعًا قَطْعِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا (وَالْمَنْهِيُّ عَنْهَا) خَصَّ ذَلِكَ بِالْمَكْرُوهِ التَّحْرِيمِيِّ لَكِنْ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ يَعُمُّ ذَلِكَ لِلْجَمِيعِ (وَإِتْيَانُ الْمَعْرُوفَاتِ) اعْتِقَادًا وَأَخْلَاقًا وَعَمَلًا إذْ التَّقْوَى بِهَذَا الْمَعْنَى تَعُمُّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ (وَالْمَأْمُورُ بِهَا) مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ إذْ الْأَمْرُ سَبَبٌ لِلْمَعْرُوفَاتِ كَالْأَوَّلِ (إذْ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعُقُوبَةَ) وَكُلُّ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعُقُوبَةَ فَتَرْكُهُ مِنْ التَّقْوَى (وَلَكِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهَا) مِنْ التَّقْوَى (وَمِنْ الذُّنُوبِ فِي أَوَّلِ السَّمَاعِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (الْوُجُودِيَّاتُ كَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ) فَإِنَّ قَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا حَرَامٌ لَعَيْنِهَا وَنَجِسَةٌ نَجَاسَةً مُغَلَّظَةً كَالْبَوْلِ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا وَيُحَدُّ شَارِبُهَا، وَإِنْ لَمْ تُسْكِرْ وَشَارِبُ غَيْرِهَا إنْ سَكِرَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الطَّبْخُ (لَا) الذُّنُوبُ (الْعَدَمِيَّاتُ مِثْلُ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ) وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَلِذَا لَمْ يُعَدَّ مِنْ الْكَبَائِرِ) كَمَا سَيَأْتِي (مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ فَلْنَذْكُرْ الْوُجُودِيَّاتِ مُفَصَّلًا، ثُمَّ الْعَدَمِيَّاتِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا كَانَ هُوَ الْوُجُودِيَّاتُ فَنَاسَبَ تَقْدِيمَهَا (مُجْمَلًا) لِانْفِهَامِ التَّفْصِيل لِلْعَدَمِيَّاتِ أَيْضًا مِنْ مُقَابِلَاتِهَا أَوْ لِعَدَمِ قُوَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا كَالْأُولَى فَإِنَّهَا كَالِاسْتِطْرَادِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُولَى فِي التُّقَى ذَوَاتُهَا بِالذَّاتِ وَمِنْ الثَّانِيَةِ بِالْوَاسِطَةِ

(فَنَقُولُ الْمُنْكَرُ إمَّا مَخْصُوصٌ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ) كَالرِّجْلِ وَالْيَدِ (أَوَّلًا وَالْأَوَّلُ) مَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ (فِي الْغَالِبِ ثَمَانِيَةٌ) وَفِي غَيْرِ الْغَالِبِ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالظَّهْرِ فِي حَمْلِ مُحَرَّمٍ بِهِ فِي الْمَنْهِيَّاتِ وَغَيْرُ الْغَالِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>