للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي جَوَابِهِ «قُولُوا اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِك أَنْ نُشْرِكَ بِك شَيْئًا» مِنْ الشِّرْكِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ «نَعْلَمُهُ» كَالشِّرْكِ الْجَلِيِّ «وَنَسْتَغْفِرُك لِمَا لَا نَعْلَمُهُ» كَالشِّرْكِ الْخَفِيِّ فِي أَكْثَرِ الْفَتَاوَى «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ أَنْ أُشْرِكَ بِك شَيْئًا وَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُك لِمَا لَا أَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» يَقُولُ فِي الصُّبْحِ وَالْمَسَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الدُّعَاءَيْنِ كَمَا فِي وَصَايَاهُ التُّرْكِيَّةِ.

(وَخَرَّجَهُ) أَيْ هَذَا الْحَدِيثَ (يَعْلَى) أَبُو يَعْلَى (مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَزَادَ يَقُولُ «كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَغَائِلَةُ الْكُفْرِ) أَيْ مَفْسَدَتُهُ (الْعُظْمَى حِرْمَانُ دُخُولِ الْجِنَانِ وَالْعَذَابُ الْمُؤَبَّدُ فِي النِّيرَانِ) بِالنُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ وَإِجْمَاعِ جَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ إذَا كَانَ غَايَةً فِي الْجِنَايَةِ فَجُوزِيَ بِمَا يَكُونُ غَايَةً فِي الْعُقُوبَةِ، وَهِيَ الْخُلُودُ وَالتَّأْبِيدُ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي نِيَّتِهِ أَنْ لَوْ بَقِيَ أَبَدًا لَكَانَ عَلَى الْكُفْرِ أَبَدًا فَجَزَاءُ الْأَبَدِيِّ أَبَدِيٌّ جَزَاءً وِفَاقًا أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الظُّلْمُ وَاَللَّهُ تَعَالَى نَفَى الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى نَحْوِ مَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْعَضُدِيَّةِ مِنْ أَنَّ التَّأْبِيدَ إنَّمَا هُوَ لِلْكَافِرِ الْمُعَانِدِ، وَأَمَّا الَّذِي يَجْتَهِدُ فِي دِينِهِ عَلَى حَسَبِ وُسْعِهِ فَلَا لِخَرْقِ الْإِجْمَاعِ وَلِكَوْنِهِ كَلَامًا فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ بِالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، وَإِنْ أُسْنِدَ إلَى نَحْوِ الْغَزَالِيِّ (وَسَبَبُ الْإِيمَانِ) فِي مُقَابَلَةِ الْكُفْرِ الْحُكْمِيِّ (النَّظَرُ) الْمُعَرَّفُ بِتَرْتِيبِ أُمُورٍ مَعْلُومَةٍ لِلتَّأَدِّي إلَى الْمَجْهُولِ، وَهُوَ أَوَّلُ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ جُزْءُ الْأَوَّلِ أَوْ الْقَصْدُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

(وَالتَّأَمُّلُ) بِمَعْنَى النَّظَرِ فَعَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَإِنْ فُسِّرَ بِنَحْوِ التَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ (فِي الْآيَاتِ) الْأَدِلَّةُ وَالتَّفْسِيرُ بِالْعَلَامَاتِ إمَّا مُؤَوَّلٌ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْعَلَامَاتِ ظَنِّيَّةٌ كَالْأَمَارَةِ وَالْمَقَامُ بُرْهَانِيٌّ تَحْقِيقِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ (الدَّالَّةِ) إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الدَّلَالَةِ الْمُطَلَّقَةِ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ لَهُ الْعِلْمُ بِشَيْءٍ آخَرَ (عَلَى وُجُودِ الْبَارِي) عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْأَثَرِ إلَى الْمُؤَثِّرِ كَالِاسْتِدْلَالِ بِحُدُوثِ الْعَالَمِ أَوْ إمْكَانِهِ أَوْ بِهِمَا عَلَى وُجُودِ مُحْدِثِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: ٣٧] {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: ٢٢]- وَغَيْرُ ذَلِكَ (وَاتِّصَافِهِ) تَعَالَى (بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ) كَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْعِلْمِ كَمَا سَبَقَ فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ (وَ) عَلَى (تَنَزُّهِهِ) تَبَرُّئِهِ وَتَقَدُّسِهِ (عَنْ صِفَاتِ) سِمَاتِ (النُّقْصَانِ) كَمَا فِي جَمِيعِ الْمُنَزِّهَاتِ الْمُقَرَّرِ فِيمَا مَرَّ (وَ) التَّأَمُّلُ فِي الْآيَاتِ الدَّالَّةِ (عَلَى نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، وَهِيَ الْمُعْجِزَاتُ (وَ) سَبَبُ الْإِيمَانِ أَيْضًا (تَيَقُّنُ التَّأْبِيدِ) أَيْ الْعِلْمُ الْيَقِينِيُّ الْقَطْعِيُّ عَلَى تَأَبُّدِهِ (فِي النَّارِ إنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ) بِاَللَّهِ عِيَاذًا بِهِ تَعَالَى (وَالْإِنْكَارِ) لِنُبُوَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (وَ) سَبَبُهُ (رَجَاءُ دُخُولِ الْجَنَّةِ دَارِ الْقَرَارِ) يَتَقَرَّرُ مَنْ دَخَلَ مُؤَبَّدًا بِلَا خُرُوجٍ (وَفَائِدَتُهُ) أَيْ الْإِيمَانِ (الْعُظْمَى

<<  <  ج: ص:  >  >>