للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا قَدْ عَرَفْت تَخْرِيجَ أَبِي نُعَيْمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنِ عَسَاكِرَ وَالرَّشِيدِ (إلَّا مَالِكًا) قَدْ عَرَفْت السِّتَّةَ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ السِّتَّةِ، وَقِيلَ عَلَى طَرِيقِ الْمُتَقَدِّمِينَ سَادِسُ السِّتَّةِ مَالِكٌ بَدَلَ ابْنِ مَاجَهْ فَمُتَّصِلٌ وَمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ غَرَائِبِ مَالِكٍ لَا يَضُرُّ؛ إذْ الْمُرَادُ كِتَابُهُ الْمُوَطَّأُ فَقَطْ.

(وَالنِّيَّةُ إرَادَةُ التَّقَرُّبِ بِالْعَمَلِ) إلَى اللَّهِ (الْبَاعِثَةُ عَلَيْهِ) صِفَةُ الْإِرَادَةِ (الْمُتَّصِلَةُ) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ (بِأَوَّلِهِ) أَيْ الْعَمَلِ (حَقِيقَةً) كَمُقَارَنَةِ نِيَّةِ الْقَلْبِ بِتَكْبِيرَةِ اللِّسَانِ فِي الصَّلَاةِ (أَوْ حُكْمًا) كَصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِنِيَّةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ التَّحْرِيمَةِ إلَى التَّعَوُّذِ أَوْ إلَى الثَّنَاءِ أَوَّلًا إنْ أَتَمَّ الثَّنَاءَ أَوْ إلَى آخِرِ الْفَاتِحَةِ أَوْ إلَى الرُّكُوعِ أَوْ إلَى الرَّفْعِ مِنْهُ عَلَى الْأَقْوَالِ فِي مَذْهَبِ الْكَرْخِيِّ وَبِنِيَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ إلَى أَوَانِ الْوُضُوءِ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَفِي الْوُضُوءِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَيَنْبَغِي فِي أَوَّلِ السُّنَنِ عِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ، وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ، وَفِي التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْوَضْعِ عَلَى الصَّعِيدِ، وَفِي الْإِمَامَةِ يَنْبَغِي وَقْتَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لَا قَبْلَهُ، وَلِلْجَمَاعَةِ عِنْدَ أَوَّلِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاةِ الْإِمَامِ هَذَا لِلثَّوَابِ، وَأَمَّا لِلصِّحَّةِ فَالْأَفْضَلُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الْإِمَامِ فَإِنْ نَوَى وَلَمْ يَشْرَعْ، قِيلَ نَعَمْ وَقِيلَ لَا، وَفِي الزَّكَاةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَعِنْدَ الْعَزْلِ وَلَوْ دَفَعَ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى، وَالْمَالُ مَوْجُودٌ فِي يَدِ الْفَقِيرِ جَائِزٌ، وَفِي الصَّوْمِ جَازَ التَّقَدُّمُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَالتَّأَخُّرُ إلَى قُبَيْلِ نِصْفِ النَّهَارِ، وَالْأَفْضَلُ الْمُقَارَنَةُ، هَذَا فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ فَفِي غَيْرِهِ مِنْ قَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ فَيَجُوزُ بِنِيَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَفِي النَّفْلِ كَأَدَاءِ رَمَضَانَ، وَفِي الْحَجِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مَعَ التَّلْبِيَةِ أَوْ سَوْقِ الْهَدْيِ

ثُمَّ إنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ عِبَادَةٍ فِي أُخْرَى كَمَنْ نَوَى فِي الصَّلَاةِ الصَّوْمَ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعِبَادَةِ فَلَوْ افْتَتَحَ الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ أَتَمَّهَا عَلَى اعْتِقَادِ التَّطَوُّعِ أَجْزَأَتْهُ ثُمَّ مَحَلُّ النِّيَّةِ هُوَ الْقَلْبُ فَلَا حَاجَةَ إلَى اللِّسَانِ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ التَّلَفُّظِ وَأَيْضًا مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إحْضَارِ النِّيَّةِ يَكْفِيهِ اللِّسَانُ (وَالْإِرَادَةُ) أَيْ لَفْظُ الْإِرَادَةِ فِي تَعْرِيفِ النِّيَّةِ (احْتِرَازٌ عَنْ مُجَرَّدِ التَّلَفُّظِ بِاللِّسَانِ) مَعَ ذُهُولِ الْقَلْبِ وَقَدْ سَمِعْتَ آنِفًا مِنْ الْجَوَازِ فِي حَقِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إحْضَارِ قَلْبِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إذَا خَلَا عَنْ الْمَوَانِعِ وَطَبْعُهُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ قَبِيلِ الْمَوَانِعِ، وَالْقَوْلُ إنَّ اللِّسَانَ حِينَئِذٍ بَدَلٌ وَثُبُوتُ الْبَدَلِ كَثُبُوتِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ إبْدَالٌ بِالرَّأْيِ، وَذَا لَا يَجُوزُ، ثُمَّ قِيلَ حَيْثُ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نِيَّةِ الْقَلْبِ صَارَ الذِّكْرُ اللِّسَانِيُّ فِي حَقِّهِ أَصْلًا لَا بَدَلًا.

ثُمَّ مِنْ فُرُوعِ هَذَا لَوْ اخْتَلَفَ اللِّسَانُ وَالْقَلْبُ كَالنِّيَّةِ بِالْقَلْبِ عَلَى الظُّهْرِ وَاللِّسَانِ بِالْعَصْرِ أَوْ بِعَكْسِهِ، فَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْقَلْبُ إلَّا فِي الْيَمِينِ فَلَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْيَمِينِ بِلَا نِيَّةٍ انْعَقَدَ يَمِينًا وَتَفْصِيلُ الْكُلِّ فِي الْأَشْبَاهِ، ثُمَّ فِي الْمَجْمَعِ لَا اعْتِبَارَ بِاللِّسَانِ لَكِنْ هَلْ يُسْتَحَبُّ أَوْ يُسَنُّ أَوْ يُكْرَهُ أَقْوَالٌ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَيْسَ فِي التَّلَفُّظِ أَثَرٌ وَخَبَرٌ لَا صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ، بَلْ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ بَعْضٍ، لَكِنْ فِي الدُّرَرِ أَمَّا الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ فَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ وَيَحْسُنُ ذَلِكَ الِاجْتِمَاعُ عَزِيمَةً (وَ) احْتِرَازٌ عَنْ (حَدِيثِ النَّفْسِ) لِأَنَّهُ عَرْضُ الْمَعْنَى عَلَى الْقَلْبِ وَالْإِرَادَةُ مَيْلٌ إلَى الْفِعْلِ، وَقَوْلُهُ (وَالتَّقَرُّبُ) احْتِرَازٌ (عَنْ الرِّيَاءِ الْمَحْضِ وَ) قَوْلُهُ (الْبَاعِثَةُ) احْتِرَازٌ (عَنْ الْقَصْدِ الْمُسَاوِي) فِيهِ التَّقَرُّبُ مَعَ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>