للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْمَةُ لَهُ فَإِذَا تَوَجَّهَتْ لَا يَتَعَاظَمُهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ كَذَا فِي الْفَيْضِ

وَفِيهِ أَيْضًا «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَبْدِي» أَيْ يَا عَبْدِي «أَنَا عِنْدَ ظَنِّك بِي وَأَنَا مَعَك» بِالتَّوْفِيقِ وَالْمَعُونَةِ «إذَا ذَكَرْتَنِي» وَدَعَوْتَنِي فَأَسْمَعُ مَا تَقُولُ فَأُجِيبُك قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ أَنَا مَعَك بِحَسَبِ مَا قَصَدْت مِنْ ذِكْرِك لِي بِاللِّسَانِ فَقَطْ أَوْ بِالْقَلْبِ فَقَطْ أَوْ بِهِمَا ثُمَّ دَلَالَةُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَعْنِي وُجُوبَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ خُفْيَةً مَتْنًا وَسَنَدًا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ تَعَالَى عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِهِ وُجُوبُ حُسْنِ ظَنِّ الْعَبْدِ بِهِ تَعَالَى قُلْنَا لَعَلَّك قَدْ سَمِعْت عَنْ الْأُصُولِ أَنَّ الْخَبَرَ الْمَرْعِيَّ شَرَائِطُهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ سِيَّمَا حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ فِي رُتْبَةِ الْمَشْهُورِ وَأَنَّ مَتْنَ الْحَدِيثِ لَيْسَ نَفْسَ الْمَطْلُوبِ بَلْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ وَدَالٌّ عَلَيْهِ بِنَحْوِ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ اللَّهُ عِنْدَ ظَنِّ الْعَبْدِ بِهِ حُسْنًا وَسُوءًا فَحُسْنُ الظَّنِّ وَاجِبٌ لَكِنَّ الْمُقَدَّمَ حَقٌّ فَالتَّالِي كَذَلِكَ أَمَّا الْمُقَدَّمُ فَلِهَذَا الْحَدِيثِ، وَأَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلَعَلَّهَا ظَاهِرَةٌ

(د عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى تَخْرِيجِ التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ أَيْضًا بِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمُجَرَّدِ حُسْنِ الظَّنِّ بِلَا تَقْيِيدٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَتَعَرَّضْ شَرْحُهُ لِلُزُومِ هَذَا الْقَيْدِ فَالْحَدِيثُ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِأَيِّ الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ وَتَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِالرَّأْيِ لَيْسَ بِجَائِزٍ فَافْهَمْ (مِنْ) جُمْلَةِ (حُسْنِ الْعِبَادَةِ) (حب) ابْنُ حِبَّانَ (حَدّ) أَحْمَدُ (هق) الْبَيْهَقِيُّ (عَنْ وَاثِلَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إنْ ظَنَّ خَيْرًا» كَالْعَفْوِ وَالْإِحْسَانِ وَالْإِجَابَةِ «فَلَهُ» ذَلِكَ فَضْلًا وَمِنَّةً مِنْهُ تَعَالَى «وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا» بِأَنَّهُ لَا يَغْفِرُهُ «فَلَهُ» قِيلَ الْأَصْلُ فَعَلَيْهِ وَعَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ مُشَاكَلَةً (طب) طَبَرَانِيٌّ (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ لَا يُحْسِنُ عَبْدٌ بِاَللَّهِ الظَّنَّ إلَّا أَعْطَاهُ ظَنَّهُ) أَيْ مُقْتَضَى ظَنِّهِ وَأَوْصَلَهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَذَلِكَ) الْإِعْطَاءُ (بِأَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ) ذِكْرُ الْخَيْرِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِالذَّاتِ وَالشَّرِّ بِالْعَرْضِ إذْ لَا يُوجَدُ شَرٌّ جُزْئِيٌّ مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ خَيْرًا كُلِّيًّا أَوْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ وَقَعَ فِيهِ

ثُمَّ قَالَ الْمُحَشِّي: هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفٌ وَلَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْفُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْقَسَمُ (هق) بَيْهَقِيٌّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى» يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبَّرَ بِالْمَاضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ ( «بِعَبْدٍ إلَى النَّارِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى شَفَتِهَا» أَيْ طَرَفِهَا يُقَالُ شَفَا كُلِّ شَيْءٍ أَيْ حَرْفُهُ وَطَرَفُهُ «الْتَفَتَ» خَلْفَهُ مَثَلًا «فَقَالَ أَمَا وَاَللَّهِ يَا رَبِّ إنْ» مُخَفَّفَةٌ وَضَمِيرُ الشَّأْنِ مَحْذُوفٌ «كَانَ ظَنِّي بِك لَحَسَنٌ» فِي الدُّنْيَا وَقَدْ خَرَجْت بِهِ «فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رُدُّوهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي»

<<  <  ج: ص:  >  >>