للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَكَالَهَا «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ» عَنْ الذُّنُوبِ وَالزَّلَلِ «وَالْعَافِيَةَ» عَنْ جَمِيعِ الْمَكْرُوهِ وَالْمَضَارِّ «فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اُسْتُرْ عَوْرَاتِي» مَا فِي مِنْ الْعُيُوبِ وَالْخَلَلِ وَالتَّقْصِيرِ وَالزَّلَلِ وَهِيَ مَا يُسْتَهْجَنُ ذِكْرُهُ مِنْ الْقَبَائِحِ «وَآمِنْ» بِالْمَدِّ «رَوْعَاتِي» أَيْ مَا أَخَافُهُ «اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ» مِنْ الشَّرِّ الَّذِي يَجِيءُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ «وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي» مَا يَلْحَقُ الْإِنْسَانَ مِنْ نَكْبَةٍ وَفِتْنَةٍ فَإِنَّ مَا يَحِيقُ بِهِ وَيَصِلُ إلَيْهِ مِنْ إحْدَى هَذِهِ الْجِهَاتِ فَلِذَلِكَ سَأَلَ أَنْ يَحْفَظَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ قِيلَ عَنْ زَيْنِ الْعَرَبِ وَأَمَّا جِهَةُ الْفَوْقِ فَإِنَّ مِنْهَا يَنْزِلُ الْبَلَاءُ وَالصَّوَاعِقُ وَالْعَذَابُ «وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِك أَنْ أُغْتَالَ» أَيْ أَهْلَك.

عَنْ الرَّاغِبِ: الْغَوْلُ: إهْلَاكُ الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ لَا يُحَسُّ بِهِ «مِنْ تَحْتِي» وَقَعَ فِي الْجَامِعِ عَلَى تَخْرِيجِ الْبَزَّارِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - هَكَذَا اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْعَافِيَةَ فِي دُنْيَايَ وَدِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اُسْتُرْ عَوْرَاتِي إلَخْ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ خَرَّجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَكَذَا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَعُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ حِينَ يُمْسِي وَيُصْبِحُ انْتَهَى فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ فَافْهَمْ.

(وَأَمَّا الثَّالِثُ) وَهُوَ خَوْفُ إصَابَةِ مَكْرُوهٍ مِنْ مَخْلُوقٍ (فَعِلَاجُهُ تَرْكُ السَّبَبِ) وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِإِصَابَتِهِ مِنْ جِهَتِهِمْ (إنْ أَمْكَنَ بِلَا ضَرَرٍ دِينِيٍّ) بِأَنْ يَلْزَمَ مِنْ تَرْكِهِ تَرْكُ وَاجِبٍ أَوْ ارْتِكَابُ حَرَامٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِلَا ضَرَرٍ دِينِيٍّ (فَالتَّوْطِينُ) فَاللَّازِمُ هُوَ التَّوْطِينُ أَيْ تَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَخْلُوقِ وَالْفِرَارُ مِنْ ضَرَرِ الدِّينِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْهَلَاكِ الْأَبَدِيِّ فِي النَّارِ بِخِلَافِ ضَرَرِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ ضَرَرٌ يَسِيرٌ سَيَزُولُ لَا مَحَالَةَ (إذْ الْمُقَدَّرُ) مِنْ الْفَقْرِ وَالْغِنَى (كَائِنٌ) أَلْبَتَّةَ (وَالْأَجَلُ وَاحِدٌ) فِي الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ (وَنِعَمُ الدُّنْيَا ظِلٌّ زَائِلٌ وَنَوْمٌ نَائِمٌ) بَلْ وِزْرٌ وَوَبَالٌ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ لَا دَارُ مَقَرٍّ كَمَا قَالَ الدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا. كُنْيَةُ الدُّنْيَا أَبُو الْفَنَاءُ وَكُنْيَةُ الْآدَمِيِّ أَبُو الْجَفَاءُ وَلَا تَطْلُبْ مِنْ الْفَنَاءِ بَقَاءً وَلَا تَطْلُبْ مِنْ الْجَفَاءِ وَفَاءً فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَعُبُورٍ لَا دَارُ بَقَاءٍ وَسُرُورٍ أَوَّلُهَا خِزْيٌ وَفُتُورٌ وَآخِرُهَا مَوْتٌ وَقُبُورٌ وَدَارُ مِحْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ وَفِرَاقٍ لَا دَارُ مَسَرَّةٍ وَمَحَبَّةٍ وَتَلَاقٍ أَيْنَ قَيَاصِرَةُ الْقُصُورِ وَأَيْنَ هَرَامِسَةُ الدُّهُورِ وَأَيْنَ شَدَّادٌ وَعَادٌ وَأَيْنَ إرَمُ ذَاتُ الْعِمَادِ أَيْنَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ وَأَيْنَ الْأَحْبَابُ وَالْأَحْفَادُ أَيْنَ الشُّيُوخُ وَالْعُلَمَاءُ وَأَيْنَ الْأَسْلَافُ الْعُظَمَاءُ كُلُّهُمْ مَضَوْا وَتَرَكُونَا يَتَامَى غَابُوا عَنَّا وَتَرَكُونَا كَالْأَيَامَى فَيَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَاتَ مِنْ فُرْصَتِنَا يَا مَوْلَانَا وَيَا غَايَةَ رَغْبَتِنَا ارْحَمْ غُرْبَتَنَا وَاكْشِفْ كُرْبَتَنَا وَلَا تَكِلْنَا إلَى أَنْفُسِنَا وَمِنْ كُلِّ بُؤْسٍ وَخِزْيٍ احْفَظْنَا (فَلَيْسَ مِنْ عُلُوِّ الْهِمَّةِ وَالْمُرُوءَةِ) وَعُلُوُّ الْهِمَّةِ مِنْ الْإِيمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>