للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا «الْجَمَاعَةُ بَرَكَةٌ» أَيْ لُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ زِيَادَةٌ فِي الْخَيْرِ «وَالسُّجُودُ بَرَكَةٌ» «وَالثَّرِيدُ بَرَكَةٌ»

[الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ]

(الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ)

(وَالطَّيْشِ وَالْخِفَّةِ) بِالْكَسْرِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (وَيَظْهَرُ ذَلِكَ) أَيْ الْخِفَّةُ (فِي الْأَعْضَاءِ فِي الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ يَلْتَفِتُ) يَمِينًا وَشِمَالًا بِرَأْسِهِ (وَيَنْظُرُ) بِعَيْنِهِ (لِكُلِّ جَاءٍ وَذَاهِبٍ وَمُتَحَرِّكٍ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ كُلَّ قَوْلٍ وَ) يَظْهَرُ (فِي اللِّسَانِ بِأَنْ يُكْثِرَ الْكَلَامَ وَالِاسْتِفْسَارَ عَمَّا لَا يُهِمُّ) فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا (وَالِاسْتِعْجَالِ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ) بِلَا تَأَمُّلٍ وَقَبْلَ تَحَرِّي الْمَنَاطِ (وَ) يَظْهَرُ (فِي الْيَدِ بِالتَّحْرِيكِ الْكَثِيرِ) بِلَا دَاعٍ (وَحَكِّ الْعُضْوِ وَتَسْوِيَةِ الْعِمَامَةِ وَاللِّحْيَةِ وَالثَّوْبِ بِلَا حَاجَةٍ) بَلْ لِمُجَرَّدِ الْخِفَّةِ (وَعَبَثِهَا) وَهُوَ اللَّعِبُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ لَذَّةٌ وَلَا فَائِدَةٌ (وَ) يَظْهَرُ (فِي الْقَدَمِ بِالْمَشْيِ فِيمَا لَا حَاجَةَ فِيهِ وَتَحْرِيكِهِ أَوْ) يَظْهَرُ (فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ بِالتَّمَدُّدِ وَتَحْرِيكِ الْكَتِفَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَذَلِكَ) الْخِفَّةُ فِي الْأَعْضَاءِ (نَاشِئٌ مِنْ السَّفَهِ وَخِفَّةِ الْعَقْلِ) وَعِنْدَ الْمُتَصَوِّفَةِ أَنَّ خِفَّةَ الْأَعْضَاءِ مِنْ خَرَابِ الْبَاطِنِ فَلَوْ رَكَدَ الْقَلْبُ لَاضْمَحَلَّتْ الْحَرَكَاتُ فِي الظَّاهِرِ وَلِذَا يُوجَدُ كَثِيرًا فِي النِّسْوَانِ لِقِلَّةِ عُقُولِهِنَّ وَالشُّبَّانِ وَالْمَرْضَى (وَضِدُّهُ) أَيْ الطَّيْشِ (الْوَقَارُ) وَهُوَ الْحِلْمُ وَالرَّزَانَةُ وَقِيلَ الْوَقَارُ الْعَظَمَةُ (وَالسُّكُونُ) أَيْ عَدَمُ الْحَرَكَةِ بِلَا فَائِدَةٍ (فَهُوَ الِاحْتِرَازُ عَنْ فُضُولِ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ وَالْحَرَكَةِ فَهُوَ عَلَامَةُ قُوَّةِ الْحِلْمِ وَالْعِلْمِ) النَّاشِئَيْنِ مِنْ كَمَالِ الْعَقْلِ وَرَصَانَتِهِ (وَسِيمُ الصَّالِحِينَ) أَيْ عَلَامَتُهُمْ وَعَادَتُهُمْ وَعَنْ حُسْنِ التَّنْبِيهُ وَمِنْ أَخْلَاقِ الصَّالِحِينَ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ خُصُوصًا فِي إتْيَانِ الصَّلَاةِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] أَيْ بِرِقٍّ وَاقْتِصَادٍ وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «سُرْعَةُ الْمَشْيِ تُذْهِبُ بَهَاءَ الْمُؤْمِنِ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «سُرْعَةُ الْمَشْيِ تُذْهِبُ بَهَاءَ الْوَجْهِ» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: ١٩] أَيْ اقْصِدْ فِيهِ لَا مَشْيَ الْمُتَمَاوِتِينَ وَلَا مَشْيَ الْجَبَّارِينَ مُتَوَسِّطًا بَيْنَهُمَا وَقَدْ يَحْسُنُ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ كَالِاخْتِيَارِ فِي الْحَرْبِ وَكَالْإِسْرَاعِ إلَى حُضُورِ جَنَائِزِ الصَّالِحِينَ خَشْيَةَ الْفَوَاتِ كَمَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْرَعَ إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إسْرَاعًا كُلِّيًّا» وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ «خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا» أَيْ الْجَوَانِبَ أَيْ السَّهْلُ الْكَرِيمُ الْمِضْيَافُ كَذَا قِيلَ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ أَرَادَ الَّذِينَ جَوَانِبُهُمْ وَطِيئَةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مَنْ يُصَاحِبُهُمْ وَلَا يَتَأَذَّى «وَشِرَارُكُمْ الثَّرْثَارُونَ» الَّذِينَ يُكْثِرُونَ الْكَلَامَ تَكَلُّفًا وَتَشَدُّقًا وَالثَّرْثَرَةُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ وَتَرْدِيدِهِ «الْمُتَفَيْهِقُونَ» الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَشْدَاقِهِمْ وَمَا فِي الشِّرْعَةِ فِي آدَابِ الْمَشْيِ وَيُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ كَأَنَّهُ يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ فَإِنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الزَّهْوِ أَيْ الْكِبْرِ فَلَعَلَّهُ نَفْيُ غَايَةِ الْبُطْءِ لَا إثْبَاتُ غَايَةِ السُّرْعَةِ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَا يَتَمَطَّى فِي مَشْيِهِ وَفِيهِ أَفْضَلُ خِصَالِ الْمُؤْمِنِ الصَّمْتُ وَفِي الصَّمْتِ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعَافِيَةِ.

وَعَنْ عِيسَى حِين قِيلَ لَهُ دُلَّنَا عَلَى عَمَلٍ نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ قَالَ لَا تَنْطِقُوا أَبَدًا وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَنْطِقُوا إلَّا بِخَيْرٍ» وَقَالَ سُلَيْمَانُ الْكَلَامُ مِنْ فِضَّةِ وَالصَّمْتُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِيهِ وَالْبَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ وَكَانَ الصِّدِّيقُ يَضَعُ حَجَرًا فِي فِيهِ لِيَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>