للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ إنَّمَا يَجْرِي فِيمَا يُعْلَمُ مَشْرُوعِيَّتُهُ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ لَزِمَ قَضَاءُ مِثْلِهَا وَلَوْ نَدْبًا لَنُقِلَ عَنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِينَ تَدَبَّرْ (وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ الْبِسْطَامِيُّ) فِي حَقِّ الْكِبْرِ (مَا دَامَ الْعَبْدُ يَظُنُّ أَنَّ فِي الْخَلْقِ شَرًّا مِنْهُ) وَلَوْ نَحْوَ فِرْعَوْنَ كَمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَشْكَالِهِ تَفْصِيلًا (فَهُوَ مُتَكَبِّرٌ فَقِيلَ لَهُ مَتَى يَكُونُ مُتَوَاضِعًا فَقَالَ إذَا لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ مَقَامًا) عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ النَّاسِ (وَلَا حَالًا) مِنْ الْأَحْوَالِ الْمَرْضِيَّةِ، الْحَالُ: مَا يَتَحَوَّلُ وَيَنْتَقِلُ وَالْمُقَدَّمُ مَا يَقُومُ وَيَثْبُتُ لَكِنْ إذَا تَحَقَّقَا وَثَبَتَا عِنْدَهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ بَلْ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ الْكَذِبَ وَكُفْرَانَ النِّعْمَةِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ عَدَمُ جَعْلِهَا آلَةً لِلْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ

(وَعَنْهُ) أَبِي يَزِيدَ (أَنَّهُ قَالَ كَابَدْت) الْمُكَابَدَةُ الْمَشَقَّةُ وَالتَّعَبُ (الْعِبَادَةَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَرَأَيْت قَائِلًا يَقُولُ لِي يَا أَبَا يَزِيدَ خَزَائِنُهُ تَعَالَى مَمْلُوءَةٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ) لِكَثْرَةِ عِبَادَةِ الْعِبَادِ (إنْ أَرَدْت الْوُصُولَ إلَيْهِ) إلَى اللَّهِ تَعَالَى (فَعَلَيْك بِالذُّلِّ وَالِاحْتِقَارِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا ذَلِكَ كَانَ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا (وَعَنْ الْجُنَيْدِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مَجْلِسِهِ لَوْلَا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ زَعِيمُ الْقَوْمِ» أَيْ أَمِيرُهُمْ وَرَئِيسُهُمْ «أَرْذَلَهُمْ» مِنْ الرَّذَالَةِ (مَا تَكَلَّمْت عَلَيْكُمْ) بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَإِنَّ هَذَا الْمَقَامَ مَقَامُ الرَّئِيسِ وَرَئِيسُهُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَرْذَلُهُمْ وَأَنَا أَرْذَلُكُمْ فَلِهَذَا تَكَلَّمْت عَلَيْكُمْ

(وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ أَنَّهُ قَالَ مَا سُرِرْت فِي إسْلَامِي) أَيْ بَعْدَ تَرْكِ السَّلْطَنَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَعُدَّ نَفْسَهُ مُسْلِمًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَذَا قِيلَ (إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ كُنْت فِي سَفِينَةٍ فِيهَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِضْحَاكٌ) مُبَالَغَةٌ مِنْ الضَّحِكِ (يَقُولُ كُنَّا فِي الْغَزْوِ نَأْخُذُ بِشَعْرِ الْعِلْجِ) بِالْكَسْرِ وَالسُّكُونِ كَافِرٌ غَلِيظٌ مِنْ كُفَّارِ الْعَجَمِ (فِي بِلَادِ التُّرْكِ هَكَذَا) إشَارَةً إلَى كَيْفِيَّةِ أَخْذِهِ (وَكَانَ يَأْخُذُ بِشَعْرِ رَأْسِي فَيَهُزُّنِي) أَيْ يُحَرِّكُنِي وَيَجْعَلُنِي آلَةَ ضَحِكٍ لَهُمْ (فَسَرَّنِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ السَّفِينَةِ أَحَدٌ أَحْقَرُ) مِنْ حَيْثُ الدُّنْيَا (فِي عَيْنِهِ مِنِّي) يُرَادُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الْقَبِيحَ مِنْهُ أَنْ يُعْلِمَهُ كَوْنَهُ عَالِمًا وَصَالِحًا فَيَفْعَلُهُ لِعِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ فَكُفْرٌ وَإِلَّا فَأَذَى الْمُسْلِمِ مَعْصِيَةٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ السُّرُورُ عَلَى كُفْرِ الْغَيْرِ وَعِصْيَانِهِ وَأَنَّ الْمَرْءَ مَأْمُورٌ بِالتَّزَيُّنِ الَّذِي يُوجِبُ عَدَمَ الْمُهَانَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَوْعِهِ وَالْقَوْلُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْفَتْوَى وَعَمَلُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّقْوَى غَيْرُ مَعْلُومٍ جَرْيُهُ هُنَا (وَ) ثَانِيهَا (كُنْت عَلِيلًا فِي مَسْجِدٍ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (فَدَخَلَ الْمُؤَذِّنُ عَلَيَّ فَقَالَ لِي اُخْرُجْ) لَعَلَّهُ لِخَوْفِ سَرِقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَتَاعِ الْمَسْجِدِ (فَلَمْ أَطِقْ) الْخُرُوجَ لِغَايَةِ الضَّعْفِ فَلَمْ يَتَرَحَّمْ (فَأَخَذَ بِرِجْلِي وَجَرَّنِي إلَى خَارِجِ الْمَسْجِدِ) فَسَرَّنِي ذَلِكَ لِلتَّحْقِيرِ وَالِاسْتِخْفَافِ

(وَ) ثَالِثُهَا (كُنْت بِالشَّامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>