للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَادَتُهُمْ سَبَّ الدَّهْرِ عِنْدَ نُزُولِ الْحَوَادِثِ عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ تِلْكَ مِنْ الدَّهْرِ فَكَانَ هَذَا اللَّعْنُ كَاللَّعْنِ لِلْفَاعِلِ وَلَا فَاعِلَ لِكُلِّ شَيْءٍ إلَّا اللَّهُ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَيْضًا عَنْ الصَّحِيحَيْنِ «وَلَا تَقُولُوا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» أَيْ مُقَلِّبُهُ وَمُصَرِّفُهُ أَوْ بِمَعْنَى الدَّهْرِ قَالَ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضٍ إنَّ الدَّهْرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْأَزَلِيِّ الْأَبَدِيِّ

(وَ) سَبُّ (الدِّيكِ) فِي الْجَامِعِ «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ» بِصِيَاحِهِ فِي اللَّيْل فَيَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ لِإِعَانَتِهِ عَلَى الطَّاعَةِ وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ» .

قَالَ فِي الْفَيْضِ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ صَدِيقِي وَأَنَا صَدِيقُهُ وَعَدُوُّهُ عَدُوِّي وَاَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَوْ يَعْلَمُ بَنُو آدَمَ مَا فِي صَوْتِهِ لَاشْتَرَوْا لَحْمَهُ وَرِيشَهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَنَّهُ لَيَطْرُدُ مَدَى صَوْتِهِ مِنْ الْجِنِّ» انْتَهَى فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَنْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ خَيْرٌ لَا يُسَبُّ وَلَا يُسْتَهَانُ بَلْ حَقُّهُ الْإِكْرَامُ وَالشُّكْرُ وَالْإِحْسَانُ، وَفِيهِ أَيْضًا الدِّيكُ يُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ «مَنْ اتَّخَذَ دِيكًا أَبْيَضَ حُفِظَ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطَانٍ وَسَاحِرٍ وَكَاهِنٍ» قَالَ الْحَافِظُ زَعَمَ أَهْلُ التَّجْرِبَةِ أَنَّ ذَابِحَ الدِّيكِ الْأَفْرَقِ لَمْ يَزَلْ يَنْكَبُّ مِنْ مَالِهِ وَعَنْ الدَّرَارِيِّ يُتَعَلَّمُ مِنْهُ خَمْسٌ حُسْنُ الصَّوْتِ وَقِيَامُ السَّحَرِ وَالْغَيْرَةُ وَالسَّخَاءُ وَكَثْرَةُ الْجِمَاعِ وَلِلدِّيكِ مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ اللَّيْلِيِّ وَمِنْ ثَمَّةَ أَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِاعْتِمَادِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ فِي الْوَقْتِ كَذَا فِي الْفَيْضِ وَفِيهِ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَعَادَةُ الدِّيكِ الصِّيَاحُ عِنْدَ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ غَالِبًا فَمَنْ جَرَّبَ مِنْهُ مَا لَا يَخْلُفُهُ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِصُرَاخِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِيهِ أَيْضًا «الدِّيكُ الْأَبْيَضُ صَدِيقِي» لِقُرْبِ صَوْتِهِ إلَى الذَّاكِرِ وَلِحِفْظِهِ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ وَإِيقَاظِهِ إلَيْهَا وَإِعَانَتِهِ إلَى الرَّحْمَةِ وَفِيهِ أَيْضًا «الدِّيكُ الْأَبْيَضُ صَدِيقِي وَصَدِيقُ صَدِيقِي» وَلَهُ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى غَالِبًا وَفِيهِ أَيْضًا «الدِّيكُ الْأَبْيَضُ الْأَفْرَقُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ وَيَحْرُسُ بَيْتَهُ وَسِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا مِنْ جِيرَانِهِ» .

قَالَ الْمُنَاوِيُّ زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ «وَكَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُبَيِّتُهُ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ» وَفِي رِوَايَةٍ «يَحْرُسُ دَارَ صَاحِبِهِ وَتِسْعَ دُورٍ حَوْلَهَا» .

قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَفْرَدَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ أَخْبَارَ الدِّيكِ بِتَأْلِيفٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُجَرِّبِينَ إنَّهُ مَا ذُبِحَ فِي دَارٍ إلَّا وَأَصَابَ أَهْلَهُ نَكْبَةٌ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُنَاوِيُّ إنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي الدِّيكِ بَعْضُهَا مُنْكَرٌ وَبَعْضُهَا قِيلَ سَنَدُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَبَعْضُهَا قِيلَ مَوْضُوعٌ وَبَعْضُهَا مَتْرُوكٌ وَضَعِيفٌ حَتَّى قَالَ السَّخَاوِيُّ أَخْبَارُ الدِّيَكَةِ كُلُّهَا فِيهَا رَكَاكَةٌ وَلَا رَوْنَقَ انْتَهَى لَكِنْ قِيلَ الضَّعِيفُ يَتَقَوَّى بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ وَعَنْ عَلِيٍّ الْقَارِيّ كُلُّ أَحَادِيثِ الدِّيكِ كَذِبٌ إلَّا حَدِيثَ «إذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيكِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا» وَفِي الْحِصْنِ الْحَصِينِ الدُّعَاءُ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ صِيَاحِ الدِّيكِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ شَرَفٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ

(وَالْأَمْوَاتُ) فِي الْجَامِعِ أَيْضًا «لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ» قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ سَبَّ الْكُفَّارِ قُرْبَةٌ «فَإِنَّهُمْ أَفْضَوْا إلَى مَا قَدَّمُوا» وَفِي رِوَايَةٍ «فَتُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ» .

قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ مِنْ بَيْتِهِ وَأَقَارِبِهِ أُخِذَ مِنْهُ جَمْعُ حُرْمَةِ ذِكْرِ أَبَوَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>