للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَالِ الذَّكَاءِ (وَهَذَا) الطَّعْنُ بِهَذَا الْغَرَضِ (حَرَامٌ) لِكَوْنِهِ أَذَى مُسْلِمٍ وَمُسْتَلْزِمًا لِلْكِبْرِ وَالرِّيَاءِ (وَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ إذَا سَمِعَ كَلَامًا إنْ كَانَ حَقًّا أَنْ يُصَدِّقَهُ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الدِّينِ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ بَاطِلًا إلَّا بِالْكَذِبِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ كَوْنِهِ مِنْ بَابِ الدِّينِ بَلْ كُلٌّ كَذِبٌ وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْعَادِيَّاتِ وَالْمُحَاوَرَاتِ وَلَوْ عَلَى طَرِيقِ الْمِزَاحِ حَرَامٌ وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِنَحْوِ الشِّعْرِ وَالْهَيْئَةِ وَالْمِسَاحَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا يَكُونُ بَاطِلًا مِنْهَا فَحَرَامٌ دِينِيٌّ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ سَبَقَ (وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهَا) أَيْ بِأُمُورِ الدِّينِ (يَجِبُ إظْهَارُ الْبُطْلَانِ) فِي ذَلِكَ الْكَلَامِ لِلْمُتَكَلِّمِ أَوْ لِلنَّاسِ (وَالْإِنْكَارُ إنْ رَجَا الْقَبُولَ) مِنْ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ مِنْ الْغَيْرِ (لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ) (ت عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ» بِفَتْحَتَيْنِ حَوَالَيْهَا مِنْ دَاخِلِهَا لَا مِنْ خَارِجِهَا «وَمَنْ تَرَكَهُ وَهُوَ مُحِقٌّ» مُتَكَلِّمٌ بِصِدْقٍ «بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ» لَا سِيَّمَا فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ «بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا» لِأَنَّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ مِنْ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَكَانَ وَارِثًا لَهُمْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «حُسْنُ الْخُلُقِ خُلُقُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «حُسْنُ الْخُلُقِ يُذْهِبُ الْخَطَايَا كَمَا تُذْهِبُ الشَّمْسُ الْجَلِيدَ» وَفِي آخَرَ «حُسْنُ الْخُلُقِ نِصْفُ الدِّينِ» وَعَنْ بَعْضٍ إيَّاكَ أَنْ تَشْتَغِلَ بِهَذَا الْجِدَالِ الَّذِي ظَهَرَ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَكَابِرِ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ يُبْعِدُ عَنْ الْفِقْهِ وَيُضِيعُ الْعُمْرَ وَيُورِثُ الْوَحْشَةَ وَالْعَدَاوَةَ وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَارْتِفَاعِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ كَذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ

أَرَى فُقَهَاءَ هَذَا الْعَصْرِ طُرًّا ... أَضَاعُوا الْعِلْمَ وَاشْتَغَلُوا بِلَمْ لَمْ

إذَا نَاظَرْتَهُمْ لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ ... سِوَى حَرْفَيْنِ لَمْ لَمْ لَا نُسَلِّمْ

(دُنْيَا طب هق عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَوَّلَ مَا عَهِدَ» أَوْصَى «إلَيَّ رَبِّي وَنَهَانِي عَنْهُ بَعْدَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ مُلَاحَاةُ» مُنَازَعَةُ «الرِّجَالِ» لِأَنَّهُمْ مَظِنَّةُ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَأَنَّهُ بَاعِثٌ لِلْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَدَوَامِ التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ وَفِي السِّيَاقِ تَنْبِيهٌ عَلَى عِظَمِ الْجُرْمِ بَلْ يَقْتَضِي كَوْنَهُ كَبِيرَةً لَعَلَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ غَرَضًا صَحِيحًا وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ فِي الْمِفْتَاحِ فَائِدَةُ عِلْمِ الْجَدَلِ كَثِيرَةٌ فِي الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْإِلْزَامِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ وَدَفْعِ شُكُوكِهِمْ ثُمَّ قَالَ قُلْت وَالْإِنْصَافُ أَنَّ الْجَدَلَ لِإِظْهَارِ الصَّوَابِ لَا بَأْسَ بِهِ وَرُبَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي تَشْحِيذِ الْأَذْهَانِ وَتَصْقِيلِ الْخَوَاطِرِ وَالْمَمْنُوعُ مَا فِيهِ تَضْيِيعُ الْأَوْقَاتِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ طَائِلٌ وَكَثِيرًا مَا لَا يَخْلُو عَنْ التَّحَاسُدِ وَالتَّنَافُسِ فَعَلَيْك الِاحْتِيَاطُ لِئَلَّا تَقَعَ فِي الْمَهَالِكِ مِنْ حَيْثُ لَا تَشْعُرُ انْتَهَى (دُنْيَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ» الْكَامِلِ «حَتَّى يَذَرَ» يَتْرُكَ «الْمِرَاءَ» الْجَدَلَ «وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا» وَقَالَ غَرِيبٌ.

(ت عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُمَارِ أَخَاك» لَا تُخَاصِمْهُ «وَلَا تُمَازِحْهُ» بِمَا يَتَأَذَّى بِهِ قَالُوا وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَا فِيهِ إفْرَاطٌ أَوْ مُدَاوَمَةٌ أَوْ أَذًى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ لِلْمُزَاحِ إزَاحَةً عَنْ الْحُقُوقِ وَمَخْرَجًا إلَى الْعُقُوقِ يُصِمُّ الْمَازِحَ وَيُؤْذِي الْمُمَازَحَ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْمِزَاحُ يُرِيقُ مَاءَ الْوَجْهِ وَيُسْقِطُ الْمَهَابَةَ وَيَسْتَجِرُّ الْوَحْشَةَ وَيُؤْذِي الْقُلُوبَ وَمَبْدَأٌ لِلتَّضَارُبِ وَاللَّجَاجِ وَمَغْرِسُ الْحِقْدِ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>