للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَمَنْ خَلَقَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَى أَنْ يَقُولَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ وَغَرَضُهُ إيقَاعُ الْمَفَاسِدِ وَإِبْطَالُ الْعَقَائِدِ.

«فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ مِنْ ذَلِكَ» الْقَوْلِ «شَيْئًا» قَلِيلًا «فَلْيَقُلْ آمَنْت بِاَللَّهِ وَرُسُلِهِ» يَعْنِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَالرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ كَقَوْلِهِ وَأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا خَالِقَ سِوَاهُ وَأَنَّ وُجُودَهُ مِنْ ذَاتِهِ وَمُسْتَغْنٍ عَنْ الْعَالَمِ (وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ وَلْيَنْتَهِ» بِأَنْ يَشْرَعَ فِي كَلَامٍ آخَرَ (وَزَادَ د «فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ» السَّيِّدُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْحَوَائِجِ « {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: ٣] {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤] ثُمَّ لِيَتْفُلْ» أَيْ لِيُخْرِجْ الرِّيحَ مَعَ الرِّيقِ مِنْ فِيهِ «عَنْ يَسَارِهِ» اسْتِهَانَةً لِلشَّيْطَانِ الْمُوقِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَنْ وَجَدَ جِيفَةً مُنْتِنَةً فَكَرِهَ رِيحَهَا وَتَفِلَ مِنْ نَتْنِهَا «وَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ» فَلَا يَصِلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَذَاهُ شَيْءٌ (خ م عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قِيلَ وَقَالَ» اسْمَانِ يُطْلَقَانِ عَلَى مَا لَا يَهُمُّ وَلَا يُغْنِي فِي الدِّينِ كَمَا فِي حَدِيثِ كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَحَدِيثِ عَلَامَةُ إعْرَاضِ اللَّهِ عَنْ الْعَبْدِ اشْتِغَالُهُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَإِنَّ امْرَأً لَوْ ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ عُمْرِهِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ لَجَدِيرٌ أَنْ تَطُولَ حَسْرَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ عَلَى شَرِّهِ فَلْيَتَجَهَّزْ إلَى النَّارِ «وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ» نَحْوِ سُؤَالِ بَنِي إسْرَائِيلَ فِي قِصَّةِ الْبَقَرَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مِنْ كَثْرَتِهِ مَا يَزِيدُ عَلَى ضَرُورَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَكَثْرَةُ السُّؤَالِ عَمَّا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الدِّينِيَّةِ الضَّرُورِيَّةِ الِاعْتِقَادِيَّةِ وَمُطْلَقِ الْعَمَلِيَّةِ مَأْمُورٌ بِهَا بِنَحْوِ قَوْله تَعَالَى - فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ - «وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» فِيمَا يُعَدُّ سَرَفًا وَتَلَفًا وَفِي الْحَدِيثِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ.

[الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ الظَّاهِرَةِ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ]

(الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ) (السُّؤَالُ عَنْ الْمُشْكِلَاتِ) الظَّاهِرَةِ عَمَّا أَشْكَلَ فِي الْأُصُولِ الِاعْتِقَادِيَّةِ أَوْ الدَّقِيقَةِ الْخَفِيَّةِ مُطْلَقًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي سِيَاقِ كَلَامِهِ (وَمَوَاضِعِ الْغَلَطِ) لَا لِلْغَرَضِ الصَّحِيحِ (بَلْ لِلتَّغْلِيظِ وَالتَّخْجِيلِ) وَإِظْهَارِ الْفَضْلِ أَيْضًا (وَهُوَ حَرَامٌ) إلَّا عَلَى الْمُغَالِطِ الْمُعَانِدِ وَالْمُكَابِرِ الْمُتَعَنِّتِ (د عَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْأُغْلُوطَاتِ» جَمْعُ أُغْلُوطَةٍ وَهِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي لَا تُدْرَكُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَيَقَعُ الْخَصْمُ فِي الْغَلَطِ وَالْخَطَأِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ مَا يُغَالِطُ بِهِ الْعَالِمُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ لِيُشَوِّشَ فِكْرَهُ وَيَسْتَسْقِطَ رَأْيَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ إيذَاءِ الْمَسْئُولِ وَإِظْهَارِ فَضْلِ السَّائِلِ مَعَ عَدَمِ نَفْعِهَا فِي الدِّينِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَحْرِمَ عَبْدَهُ بَرَكَةَ الْعِلْمِ أَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ الْمَغَالِيطَ وَكَانَ أَفَاضِلُ الصَّحَابَةِ إذَا سُئِلُوا عَنْ شَيْءٍ قَالُوا أَوَقَعَ فَإِنْ قِيلَ نَعَمْ أَفْتَوْا وَإِلَّا قَالُوا دَعْ حَتَّى يَقَعَ فَمِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>