للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي أَيْ إذَا اعْتَقَدَ تَعْظِيمَهُ بِحَلِفِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى قَالَ عَلِيٌّ الْبَزَّازِيُّ أَخَافُ عَلَى مَنْ قَالَ بِحَيَاتِي وَحَيَاتِك أَنَّهُ يَكْفُرُ وَلَوْلَا أَنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَهُ لَقُلْت إنَّهُ شِرْكٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فَعَلَ فِعْلَ الْكَافِرِ أَوْ الْمُشْرِكِ وَقِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْدِيدِ وَالتَّغْلِيظِ لَكِنْ فِي الْفَيْضِ أَنَّهُ تَكَلُّفٌ وَنُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْيَمِينِ تَحْقِيقُ مَا قَصَدَهُ مِنْ الْإِيجَادِ وَالْإِعْدَامِ لَا تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ بِهِ وَأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ فِي الْمَوَاثِيقِ وَالْخُصُومَاتِ وَقِيلَ يُكْرَهُ لِقَوْلِهِ مَلْعُونٌ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ

ثُمَّ قِيلَ فِيهِ كَلَامٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي الْفَيْضِ عَنْ النَّوَوِيِّ وَمِنْ الْمَكْرُوهِ قَوْلُ الصَّائِمِ وَحَقُّ هَذَا الْخَاتَمِ الَّذِي عَلَى فَمِي (خ م عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» إنَّ الْحَلِفَ بِشَيْءٍ يَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ وَالْعَظَمَةُ حَقِيقَةً إنَّمَا هِيَ لَهُ تَعَالَى قَالَ فِي الْفَيْضِ خَبَرُ «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ» لِأَنَّ تِلْكَ كَلِمَةٌ جَرَتْ عَلَى لِسَانِهِمْ لِلتَّأْكِيدِ لَا لِلْقَسَمِ فَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَنْزِيهًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَعَلَى الْأَشْهَرِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَتَحْرِيمًا عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ وَعَلَى الْأَشْهَرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَقُولُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَنْقُولِ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا عِنْدَ بَعْضٍ مِنَّا وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ عِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ وَقَالَ فِي الْمَطَامِحِ وَتَخْصِيصُ الْأَبِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَالنَّهْيُ عَامٌّ انْتَهَى (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لَا بِغَيْرِهِ كَالْكَعْبَةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ حَدِيثُ «مَنْ حَلَفَ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ يَعْنِي لَا بِالْكَعْبَةِ» فَإِنَّ الْحَلِفَ بِمَخْلُوقٍ لَيْسَ بِجَائِزٍ وَإِنْ عَظِيمًا كَالْكَعْبَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَإِقْسَامُهُ تَعَالَى بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ تَنْبِيهٌ عَلَى شَرَفِهَا وَأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَعَمْرُكَ} [الحجر: ٧٢] خِطَابًا لِحَبِيبِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

قَالَ الْمُحَشِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا أَوْ أَبًا أَوْ جَدًّا أَوْ رَأْسَ الشَّيْخِ أَوْ السُّلْطَانِ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (أَوْ لِيَصْمُت مج عَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَلْيَصْدُقْ» فِي حَلِفِهِ وَلَا يَكْذِبُ فِيهِ «وَمَنْ حُلِفَ» فِعْلٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ «لَهُ» عَلَى شَيْءٍ «بِاَللَّهِ فَلْيَرْضَ» ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ بِيَمِينِهِ فَالْمُؤْمِنُ إذَا قَالَ صَدَقَ وَإِذَا قِيلَ صَدَّقَ فَلَا يَطْلُبُ الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ «وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاَللَّهِ» بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ «فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ» مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ رَحْمَتَهُ أَوْ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَكِنْ قَرَّرَ فِي الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَلَحَّ الْخَصْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>