للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّاجِرِ أَنْ يَحْلِفَ لِأَجْلِ تَرْوِيجِ السِّلْعَةِ وَيُكْرَهُ لِلتَّاجِرِ أَنْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَرْضِ السِّلْعَةِ وَهُوَ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَجْوَدَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى مُذَكِّرًا لِتَجْدِيدِ كَلَامِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَأْخُذُ لِصَلَاتِهِ حُطَامًا دُنْيَوِيًّا وَالْمُذَكِّرُ لَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ النِّصَابِ انْتَهَى (أَوْ الْحَارِسُ) حَافِظُ السُّوقِ لِإِعْلَامِ حِرَاسَتِهِ كَأَنْ يَقُولُ اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ صَلُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ لِإِيذَانِ أَنَّهُ فِي السُّوقِ وَغَرَضُهُ مِنْ الذِّكْرِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِرَاسَةِ لَا الذِّكْرُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْفَتْحِيَّةِ (فَإِنَّهُمْ يَأْثَمُونَ) لِجَعْلِهِمْ الذِّكْرَ الْمَوْضُوعَ لِطَاعَتِهِ تَعَالَى آلَةً لِغَيْرِهَا

(وَكَذَا سَائِرُ الْأَذْكَارِ وَالتَّصْلِيَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَمِنْ هَذَا يُمْنَعُ إذَا قَدِمَ أَحَدٌ مِنْ الْعُظَمَاءِ إلَى مَجْلِسٍ فَسَبَّحَ أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إعْلَامًا بِقُدُومِهِ حَتَّى يُفَرِّجَ لَهُ النَّاسُ أَوْ يَقُومُوا لَهُ يَأْثَمُ لِأَنَّهُ جَعَلَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَاتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسِيلَةً إلَى تَعْظِيمِ الْغَيْرِ وَاسْتِحْلَالُ هَذَا الصَّنِيعِ وَاعْتِقَادُهُ عِبَادَةً لَا خَفَاءَ أَنَّهُ هَائِلٌ عَظِيمٌ وَأَمَّا الْعَالِمُ إذَا قَالَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ صَلُّوا أَوْ الْغَازِي إذَا قَالَ كَبِّرُوا فَيُثَابُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْبَزَّازِيِّ قَرِيبًا لَعَلَّ إلَى هَذَا ذِكْرَهُمْ عِنْدَ قُدُومِ الْحَاجِّ وَخُرُوجِهِ وَعِنْدَ الْعَرُوسِ (بِخِلَافِ مَنْ قَصَدَ الِاعْتِبَارَ) لَعَلَّ الْأَوْلَى مَنْ يَقْصِدُ الرَّدَّ وَالْمُخَالَفَةَ (بِأَنَّهُمْ يَشْتَغِلُونَ بِالْمَعْصِيَةِ أَوْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَنَا أَشْتَغِلُ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى) فَإِنَّهُ حَسَنٌ بَلْ فِيهِ ثَوَابٌ كَثِيرٌ لِكَوْنِهِ كَالصَّابِرِ الْمُقَاتِلِ فِي الْمَعْرَكَةِ عِنْدَ فِرَارِهِمْ (وَالْوَاعِظُ يَقُولُ صَلُّوا وَالْغَازِي كَبِّرُوا) إنْ بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ (فَإِنَّهُمْ يُثَابُونَ) لِعَدَمِ الْمُنَافِي بَلْ لِوُجُودِ الْمُثَبِّتِ (كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ) وَغَيْرِهِ وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرْنَا إلَى هُنَا مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ مِنْ حَيْثُ النُّطْقُ

[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي آفَاتِ اللِّسَانِ مِنْ حَيْثُ السُّكُوتُ كَتَرْكِ تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ]

لَا سِيَّمَا مِقْدَارَ مَا يُفْرَضُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَجِبُ وَقَدْ حَرَّرْنَا فِي الرِّسَالَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا قَرِيبًا أَنَّ حِفْظَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَرْضٌ وَحِفْظَ الْفَاتِحَةِ مَعَ سُورَةٍ وَاجِبٌ وَحِفْظَ سَائِرِ الْقُرْآنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَسُنَّةُ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّفْلِ وَعَنْ الْكُبْرَى التَّعَلُّمُ أَوْلَى مِنْ حِفْظِ بِوَاقِي الْقُرْآنِ وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ لِحَدِيثِ «عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» لَكِنْ فَسَّرَ النِّسْيَانَ فِي التتارخانية بِأَنْ لَا يُمْكِنَهُ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ

[تَرْكُ التَّشَهُّدِ مِنْ آفَاتِ]

(وَ) تَرْكُ (التَّشَهُّدِ) فَإِنَّهُ وَاجِبٌ (وَالْقُنُوتِ) فَإِنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَسُنَّةٌ كَنَفْسِ صَلَاةِ الْوِتْرِ وَأَمَّا بَدَلُهُ فَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قِرَاءَتِهِ أَصْلًا إذَا كَانَ فِي صَدَدِ التَّعَلُّمِ لَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّمْ تَكَاسُلًا كَذَا قِيلَ وَمَنْ لَا يُحْسِنْ الْقُنُوتَ يَقُولُ - {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١]- لَكِنْ فِي الْمِنَحِ الْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ الدُّعَاءُ وَلَا يَخْتَصُّ بِلَفْظٍ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُوَقِّتَ دُعَاءً وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ دَعَا بِغَيْرِ الدُّعَاءِ الْمَعْهُودِ جَازَ انْتَهَى فَتَأَمَّلْ فَيَكُونُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقَ الْقُنُوتِ لَا الْمَعْهُودَ الْمَخْصُوصَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَنَحْوِهَا مِمَّا يَجِبُ أَوْ يُسَنُّ) هَذَا التَّعْمِيمُ مَحْمُولٌ عَلَى تَعْمِيمِ الْآفَةِ عَلَى الْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَعَلَى أَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ كَرَاهَةٌ وَنَحْوُ مَا ذُكِرَ تَرْكُ تَعَلُّمِ مَا لَزِمَ مِنْ الْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَكَذَا سَائِرُ الْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى قَدْرِ الِاحْتِيَاجِ (أَوْ كَتَرْكِ قِرَاءَتِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ

[تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

(وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ) وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥] فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْزَمُوا أَنْفُسَكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ لَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِيرُ غَيْرِكُمْ فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ دَاخِلَانِ تَحْتَ مَا كُلِّفُوا بِهِ فَمَنْ أَمَرَ أَوْ نَهَى وَلَمْ يَمْتَثِلْ بِهِ الْمُخَاطَبُ لَا يَضُرُّهُ.

فَإِنْ قِيلَ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ زِيَادَةٌ وَالزِّيَادَةَ نَسْخٌ وَمَا سَبَقَ مِنْ الْأَحَادِيثِ أَخْبَارُ آحَادٍ فَلَا يَجُوزُ بِهَا الزِّيَادَةُ عَلَى كِتَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>