للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ اسْتِمَاعُ النِّيَاحَةِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِطَرِيقٍ آخَرَ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ لَكِنْ يَشْكُلُ بِتَرْجِيحِ الْكَرَاهَةِ عَلَى السُّنَّةِ وَالْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَقُولُ وَكَذَا الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ فِي زَمَانِنَا لِأَنَّهُمَا غَيْرُ خَالِيَيْنِ عَنْ الْغِنَاءِ وَاللَّحْنِ وَسَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ كَذَا قِيلَ لَكِنَّ مِثْلَ الْإِشْكَالِ يَرِدُ أَيْضًا عَلَى الْعِيدِ فَافْهَمْ (مَعَهَا نَائِحَةٌ) وَهِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ لَكِنْ لَا يَسْتَمِعُ بَلْ يَمْشِي مَعَ الْجِنَازَةِ وَلَا يَضُرُّ لَكَ - {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]- فَإِنْ قِيلَ الِاسْتِمَاعُ عِنْدَ الْحُضُورِ ضَرُورِيٌّ فَكَيْفَ لَا يَسْتَمِعُ وَلَوْ سُلِّمَ لَزِمَ جَوَازُ الْحُضُورِ عِنْدَ الْجَمِيعِ قُلْنَا يَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الِاسْتِمَاعِ وَالْإِصْغَاءِ عَدَمُ الْإِقْبَالِ وَالتَّلَذُّذِ بَلْ الِاشْتِغَالُ بِنَحْوِ الذِّكْرِ وَالْمُكَالَمَةِ مَعَ الْإِخْوَانِ قَالَ يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ هَذَا مُنْكَرٌ وَأَنَا لَهُ مُنْكِرٌ

[إجَابَةِ دَعْوَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ]

(بِخِلَافِ إجَابَةِ دَعْوَةٍ فِيهَا مُنْكَرٌ كَالْغِنَاءِ وَاللَّعِبِ) نُقِلَ هُنَا عَنْ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْأَشْعَارِ أَوْ بِالْأَذْكَارِ أَوْ الْقُرْآنِ أَوْ الدُّعَاءِ بَلْ هَذَا أَقْبَحُ مِنْ الْأَوَّلِ انْتَهَى لِاعْتِقَادِهِ الْعِبَادَةَ فِيمَا فِيهِ مَعْصِيَةٌ أَوْ لِلْإِخْلَالِ بِالتَّعْظِيمِ اللَّازِمِ شَرْعًا بَلْ لِإِيهَامِ التَّخْفِيفِ وَالِاسْتِهَانَةِ (فَإِنَّ الدَّاعِيَ لَمَّا ارْتَكَبَ الْمَعْصِيَةَ) الْمُوجِبَةَ لِسَخَطِ الرَّبِّ (لَمْ يَسْتَحِقَّ الْإِجَابَةَ) زَجْرًا لَهُ لِأَنَّ مَنْ لَا يُجِيبُ لَا يُجَابُ (فَلَمْ تَكُنْ) الْإِجَابَةُ (سُنَّةً بَلْ) كَانَتْ (حَرَامًا) وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ضَرْبُ الدُّفِّ فِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَالْقَوَافِلِ وَالْغَزْوِ لِأَنَّهُ مُرَخَّصٌ شَرْعًا كَمَا فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ ضَرْبِ الدُّفِّ فِي نَحْوِ الضِّيَافَاتِ وَاسْتِقْبَالِ نَحْوِ الْأُمَرَاءِ حَرَامٌ فَيَفْسُقُ الْمُبَاشِرُ وَالْآمِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ جَوَازُهُ لِلصَّبِيِّ مِنْ غَيْرِ تَلَهٍّ (وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الِاسْتِمَاعُ لِأَنَّ الْمُسْتَمِعَ شَرِيكُ الْقَائِلِ) فِي الْإِثْمِ إلَّا بِعُذْرٍ (طب عَنْ ابْنِ عُمَرَ) (أَنَّهُ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْغِيبَةِ وَعَنْ الِاسْتِمَاعِ إلَى الْغِيبَةِ» لَا يَخْفَى أَنَّ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي النُّصُوصِ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ اسْتِمَاعَ حُرْمَةِ بِوَاقِي الْمُحَرَّمَاتِ مَنْصُوصَةٌ بِنُصُوصٍ مَخْصُوصَةٍ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ بِوَاقِيَ الْمُحَرَّمَاتِ كَالْكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْبُهْتَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُلْحَقَةٌ بِذَلِكَ بِدَلَالَةِ النَّصِّ

[اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ بِلَا اضْطِرَارٍ]

(وَمِنْهَا) اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ (بِلَا اضْطِرَارٍ) (كَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ دِينِيٌّ أَوْ دُنْيَوِيٌّ (كَالتِّجَارَةِ) مِثَالٌ لِلدُّنْيَوِيِّ (وَالْغَزْوِ وَالْحَجِّ) مِثَالَانِ لِلدِّينِيَّةِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ الْأَمْثِلَةِ كَوْنَ الضَّرُورَةِ لِأَدَاءِ وَاجِبٍ وَقَدْ سَمِعْت قَرِيبًا مِنْ الْمُصَنِّفِ أَدَاءَ سُنَّةٍ أَيْضًا فَافْهَمْ (إذَا لَمْ يُمْكِنْ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا (إلَّا مَعَ اسْتِمَاعِ الْمَلَاهِي لَا يَضُرُّ) لَكِنْ لَا يَسْتَمِعُهَا بَلْ يَكْرَهُهَا وَلَا يَضُرُّ سَمَاعُهَا وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَضَرَ مَعْصِيَةً فَكَرِهَهَا فَكَأَنَّمَا غَابَ عَنْهَا وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا فَكَأَنَّهُ حَضَرَهَا» وَعَنْ الْخَانِيَّةِ قَوْمٌ خَرَجُوا إلَى الْغَزْوِ وَفِيهِ قَوْمٌ مِنْ الْفَسَقَةِ وَأَصْحَابِ الْمَلَاهِي قَالُوا إنْ أَمْكَنَ لِلصُّلَحَاءِ أَنْ يَنْفَرِدُوا بِالْخُرُوجِ فَعَلُوا ذَلِكَ وَإِلَّا فَفِسْقُهُمْ عَلَيْهِمْ وَلِهَؤُلَاءِ خَالِصُ نِيَّاتِهِمْ (قَالَ قَاضِي خَانْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِي مَعْصِيَةٌ» إذَا لَمْ يَكُنْ بِضَرُورَةٍ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الِاسْتِمَاعِ وَالسَّمَاعِ فَفِي الِاسْتِمَاعِ الْحُرْمَةُ مُطْلَقًا (وَالْجُلُوسُ عَلَيْهَا فِسْقٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجُلُوسَ فَوْقَ الِاسْتِمَاعِ فِي الْإِثْمِ وَلِذَا قَيَّدَ الْمَعْصِيَةَ هُنَا بِالصَّغِيرَةِ (وَالتَّلَذُّذُ بِهَا مِنْ الْكُفْرِ إنَّمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ) أَيْ التَّلَذُّذُ بِهَا كُفْرٌ (عَلَى وَجْهِ التَّشْدِيدِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>