للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَكْرَى الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ، فَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ إلَى يَوْمِكَ هَذَا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ، وَالْمَعْنَى شَاهِدٌ بِذَلِكَ وَدَالٌّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الشَّجَرِ يَعْجِزُونَ عَنْ عِمَارَتِهِ وَسَقْيِهِ. وَلَا يُمْكِنُهُمْ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا شَجَرَ لَهُمْ، وَيَحْتَاجُونَ إلَى الثَّمَرِ، فَفِي تَجْوِيزِ الْمُسَاقَاةِ تَجْوِيزٌ لِلْحَاجَتَيْنِ، وَتَحْصِيلُ الْفِئَتَيْنِ؛ كَالْمُضَارَبَةِ بِالْأَثْمَانِ. وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» . فَمَحْمُولٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ مُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ؛ فَسَّرَهَا رَافِعٌ فِي حَدِيثِهِ. وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ حَدِيثِ رَافِعٍ عَلَى مَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَزَلْ يُعَامِلُ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى مَاتَ» ، ثُمَّ عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ نَهْيُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ؛ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْهُ: قَالَ «كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِالنَّاحِيَةِ مِنْهَا تُسَمَّى لِسَيِّدِ الْأَرْضِ فَرُبَّمَا يُصَابُ ذَلِكَ، وَتَسْلَمُ الْأَرْضُ وَرُبَّمَا تُصَابُ الْأَرْضُ، وَيَسْلَمُ ذَلِكَ، فَنَهَانَا» ، فَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلَمْ يَكُنْ يَوْمئِذٍ ". وَرُوِيَ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا بِشَيْءٍ غَيْرِ هَذَا مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ، وَهُوَ مُضْطَرِبٌ أَيْضًا. قَالَ الْإِمَامُ: رَافِعٌ يُرْوَى عَنْهُ فِي هَذَا ضُرُوبٌ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يُوهِنُ حَدِيثَهُ.

وَقَالَ طَاوُسٌ: إنَّ أَعْلَمَهُمْ - يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ - أَخْبَرَنِي: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ، وَلَكِنْ قَالَ: لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

: وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى (شَجَرِهِ) - أَيْ شَجَرِ الَّذِي لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ - بِجُزْءٍ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ الثَّمَرِ، وَعَلَى مَا لَيْسَ لَهُ ثَمَرٌ، وَيَأْتِي، وَلَا إنْ جَعَلَ لِلْعَامِلِ كُلَّ الثَّمَرَةِ وَلَا جُزْءًا مُبْهَمًا كَسَهْمٍ وَنَصِيبٍ. وَلَا ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ فَأَكْثَرَ مُعَيَّنَةٍ، وَعُمُومُ قَوْلِ الْمَتْنِ: لَهُ ثَمَرٌ، شَمِلَ مَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>