للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْعَقْدُ، فَوَجَبَ لَهُ الْأَجْرُ - (وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ) - كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِبِنَاءِ حَائِطٍ يَوْمًا أَوْ لِخَيَّاطَةِ قَمِيصٍ، فَلَمْ يُتِمَّهُ فِيهِ، (وَإِنْ بَرِئَ) الْأَرْمَدُ (فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ) ؛ انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَجَرَ عَنْهُ أَمْرٌ غَالِبٌ، (أَوْ مَاتَ) فِي أَثْنَائِهَا؛ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ؛ لِمَا مَرَّ، وَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِالْقِسْطِ.

(وَإِنْ امْتَنَعَ مَرِيضٌ مِنْ طِبٍّ مَعَ بَقَاءِ مَرَضٍ) فِي عَيْنِهِ؛ (اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الْأُجْرَةَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) ؛ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْبِنَاءِ، فَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِيهِ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَقَدْ بَذَلَ الْأَجِيرُ مَا عَلَيْهِ.

(وَإِنْ قَدَّرَهَا) - أَيْ: الْمُدَّةَ - (بِالْبُرْءِ؛ لَمْ تَصِحَّ) الْمُشَارَطَةُ (إجَارَةً) ؛ لِأَنَّ الْبُرْءَ مَجْهُولٌ، (وَلَا) تَصِحُّ (جَعَالَةً) عَلَى الْأَصَحِّ.

قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَيَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ.

[تَتِمَّة يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا لِمُدَاوَاتِهِ]

تَتِمَّةٌ: وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا لِمُدَاوَاتِهِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْكَحَّالِ سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الدَّوَاءِ عَلَى الطَّبِيبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا جَازَ فِي الْكَحَّالِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَجَرْيِ الْعَادَةِ بِهِ فِي الْكُحْلِ دُونَ الدَّوَاءِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى هَا هُنَا، فَثَبَتَ الْحُكْمُ بِهِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ، وَيَمْلِكُ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ أَخْطَأَ فِي تَطْبِيبِهِ.

ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي " جَمْعِ الْجَوَامِعِ " قَالَ: وَيَلْزَمُهُ مَا الْعَادَةُ أَنْ يُبَاشِرَهُ مِنْ وَصْفِ الْأَدْوِيَةِ وَتَرْكِيبِهَا وَعَمَلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَتُهُ تَرْكِيبَهَا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حُقْنَةٍ وَفَصْدٍ وَنَحْوِهِمَا، إنْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ، أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُبَاشِرَهُ، وَإِلَّا فَلَا.

(وَ) يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَقْلَعَ لَهُ ضِرْسَهُ أَوْ سِنَّهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى قَلْعِهِ، (فَإِنْ أَخْطَأَ) الْأَجِيرُ، (فَقَلَعَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ ضِرْسٍ؛ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ، وَلَا فَرْقَ فِي ضَمَانِهَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْقِصَاصِ وَعَدَمِهِ.

(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِبُرْءٍ قَبْل قَلْعِهِ) ؛ لِأَنَّ قَلْعَهُ بَعْدَ بُرْئِهِ غَيْرُ جَائِزٍ، (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) - أَيْ: الْمَرِيضِ (فِي بُرْئِهِ) - أَيْ: الضِّرْسِ - لِأَنَّهُ أَدْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>