للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(جَازَ تَأْخِيرُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَطَرَ يُرْخِي الْوَتَرَ، وَالظُّلْمَةَ عُذْرٌ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ فِعْلُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ الرَّمْيُ نَهَارًا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَاهُ لَيْلًا، فَيَلْزَمُ كَمَا تَقَدَّمَ.

فَإِنْ كَانَتْ اللَّيْلَةُ مُقْمِرَةً مُنِيرَةً اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا رَمَيَا فِي ضَوْءِ شَمْعَةٍ أَوْ مِشْعَلٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا التَّطْوِيلَ وَالتَّشَاغُلَ عِنْدَ الرَّمْيِ بِمَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مِنْ مَسْحِ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَعَلَّ صَاحِبَهُ يَنْسَى الْقَصْدَ الَّذِي أَصَابَا بِهِ، أَوْ يَفْتُرُ؛ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَطُولِبَ بِالرَّمْيِ، وَلَا يُزْعَجُ بِالِاسْتِعْجَالِ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ يُمْنَعُ مِنْ تَحْرِيرِ الْإِصَابَةِ.

(وَكُرِهَ) لِلْأَمِينِ أَوْ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ حَضَرَ (مَدْحُ أَحَدِهِمَا أَوْ) مَدْحُ (الْمُصِيبِ، وَعَيْبُ الْمُخْطِئِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قَلْبِ صَاحِبِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ: وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيُتَوَجَّهُ الْجَوَازُ فِي مَدْحِ الْمُصِيبِ وَالْكَرَاهَةُ فِي عَيْبِ غَيْرِهِ.

قَالَ (: وَيُتَوَجَّهُ) الْجَوَازُ (كَذَلِكَ فِي مَدْحِ شَيْخٍ لِطَالِبٍ) أَيْ: يَجُوزُ مَدْحُ الْمُصِيبِ مِنْ الطَّلَبَةِ؛ وَيُكْرَهُ عَيْبُ غَيْرِهِ.

(وَقَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ") : قُلْتُ: (إنْ) كَانَ (مَدْحُهُ لِتَحْرِيضِهِ عَلَى الِاشْتِغَالِ قَوِيَ الِاسْتِحْبَابُ، وَإِنْ أَفْضَى) مَدْحُهُ (لِتَعَاظُمِ الْمَمْدُوحِ) أَوْ كَسْرِ قَلْبِ غَيْرِهِ (قَوِيَ التَّحْرِيمُ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.

(وَيُمْنَعُ كُلٌّ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يَغِيظُ صَاحِبَهُ كَأَنْ يَرْتَجِزَ وَيَفْتَخِرَ) وَيَتَبَجَّحَ بِالْإِصَابَةِ، (أَوْ يُعَنِّفَ صَاحِبَهُ عَلَى الْخَطَإِ) ، وَيُظْهِرَ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُ، (وَكَذَا حَاضِرٌ مَعَهُمَا) يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.

(وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ ارْمِ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ، فَإِنْ كَانَ صَوَابُك) - أَيْ: إصَابَتُك فِيهَا - (أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِك) فَلَكَ دِرْهَمٌ؛ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْجُعْلَ فِي مُقَابَلَةِ إصَابَةٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعَشَرَةِ أَقَلُّهُ سِتَّةٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّهُ بِالْأَقَلِّ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ.

(وَلَا) يَصِحُّ (عَكْسُهُ) ؛ بِأَنْ قَالَ لَهُ: ارْمِ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ، فَإِنْ كَانَ خَطَؤُك أَكْثَرَ مِنْ صَوَابِك (فَلَكَ دِرْهَمٌ) لِأَنَّهُ قِمَارٌ، أَوْ قَالَ: ارْمِ عَشَرَةً، فَإِنْ أَخْطَأَتْهَا فَعَلَيْك دِرْهَمٌ؛ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ، وَلَمْ يُوجَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>