للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمِلْكَ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَلِمَا رَوَى طَاوُسٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ عَادِي الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ بَعْدُ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ.

، وَقَالَ عَادِي الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ بِهَا سَاكِنٌ فِي آبَادِ الدَّهْرِ فَانْقَرَضُوا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَنِيسٌ، فَنُسِبَ كُلُّ أَثَرٍ قَدِيمٍ إلَيْهِمْ. انْتَهَى.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ " وَالْمُوَفَّقُ فِي " الْمُغْنِي " خِلَافًا فِي جَوَازِ إحْيَائِهِ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ " الْمُحَرَّرِ وَ " الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا.

قَالَ الْحَارِثِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ أَحْمَدَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُمْ فِي الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ وَهُوَ نَصٌّ مِنْهُ فِي خُصُوصِ النَّوْعِ، وَصَحَّحَ الْمَلِكُ فِيهِ بِالْإِحْيَاءِ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ " وَ " الْفَائِقِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَ " التَّصْحِيحِ " وَغَيْرُهُمْ، انْتَهَى. .

(وَيُكْرَهُ دُخُولُ دِيَارِهِمْ) - أَيْ: ثَمُودَ - (إلَّا لِبَاكٍ مُعْتَبِرٍ، لِئَلَّا يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ) مِنْ الْعَذَابِ؛ لِلْخَبَرِ (وَمَنْ أَحْيَا) مِمَّا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ، (وَلَوْ) كَانَ الْإِحْيَاءُ (بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ) .

قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ مُسْتَدِلًّا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ مُبَاحَةٌ، فَلَا: يَفْتَقِرُ تَمَلُّكُهَا إلَى إذْنٍ كَأَخْذِ الْمُبَاحِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُحْيِي مُسْلِمًا (أَوْ ذِمِّيًّا) اتِّفَاقًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ لَا، لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِفِعْلِهِ كَالِاصْطِيَادِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَوَتَانُ الْأَرْضِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» . جَوَابُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّتِهِ أَنَّهَا لَكُمْ - أَيْ: لِأَهْلِ دَارِكُمْ - وَالذِّمِّيُّ مِنْ دَارِنَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُنَا، فَيَمْلِكُ الْأَرْضَ الْمُحْيَاةَ بِالْإِحْيَاءِ، كَمَا يَمْلِكُهَا بِالشِّرَاءِ، وَيَمْلِكُ مُبَاحَاتِهَا مِنْ الْحَشِيشِ وَالْحَطَبِ وَالصَّيُودِ وَالرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ وَاللُّقَطَةِ، وَهِيَ مِنْ مَرَافِقِ دَارِ الْإِسْلَامِ، فَكَذَلِكَ الْمَوَاتُ (مَوَاتًا) فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا؛ إذْ جَمِيعُ الْبِلَادِ سَوَاءٌ، (سِوَى مَوَاتِ الْحَرَمِ وَعَرَفَاتٍ) ، فَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي أَدَاءِ الْمَنَاسِكِ وَاخْتِصَاصِهِ بِمَحَلٍّ النَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةُ مِنْ الْحَرَمِ كَمَا سَبَقَ، فَلَا إحْيَاءَ بِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>